١٧٥]) والمعنى أنه لولا أن الله تعالى ذمّ الكاتمين للعلم لمَا حدّثتكم أصلًا، لكن لمّا كان الكتمان حرامًا، وجب الإظهار والتبليغ، فلهذا حصل مني الإكثار؛ لكثرة ما عندي مما سمعته منه -صلى الله عليه وسلم-، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا (٤٦/ ٢٦٢) بهذا الإسناد فقط، وأخرجه (أحمد) في "مسنده"(٢/ ٢٤٠ و ٢٧٤) و (البخاريّ)(١/ ٤٠ و ٣/ ١٤٣ و ٩/ ١٣٣) و (مسلم)(٧/ ١٦٦)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده (١):
١ - (منها): ما ترجم له المصنّف، وهو بيان ذمّ كتم العلم على من سئل عنه، فإن الآيتين اللتين قرأهما أبو هريرة -رضي الله عنه- نصّان في ذلك.
٢ - (ومنها): أن فيه الحثّ على حفظ العلم، وأن التقلّل من الدنيا أمكن لحفظه.
٣ - (ومنها): فضيلة التكسّب لمن له عيال، فإن المهاجرين والأنصار ما شغلهم عن إكثار السماع إلا التكسّب.
٤ - (ومنها): جواز إخبار المرء بما فيه من فضيلة إذا اضطرّ إلى ذلك، وأَمِن من الإعجاب.
٥ - (ومنها): أن فيه فضيلة ظاهرة لأبي هريرة -رضي الله عنه-، ومعجزة للنبيّ -صلى الله عليه وسلم- وعَلَمًا من
(١) المراد فوائد الحديث بطوله الذي أوردته من "الصحيحين"، لا خصوص سياق المصنف المختصر، فتنبّه.