كتاب مشارق الأنوار الوهاجة ومطالع الأسرار البهاجة في شرح سنن الإمام ابن ماجه

٤٦ - باب من سئل عن علم فكتمه - ج: 4 - ص: 540

الدنيا كلها (١).

وأخرج الخطيب عن عبد الحميد بن بيان، قال: سمعت هُشيمًا يقول: كنت أكون بأحد المصرين (٢)، فيبلغني أن بالمصر الآخر حديثًا، فأرحل فيه حتى أسمعه، وأرجع.

وأخرج الرامهرمزيّ عن عامر الشعبيّ أنه خرج إلى مكة في ثلاثة أحاديث ذُكرت له، فقال: لعلي ألقى رجلًا لقي النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، أو من أصحاب النبيّ -صلى الله عليه وسلم-.

وعن عليّ بن المدينيّ قال: قيل للشعبيّ: من أين لك هذا العلم كله؟ قال: بنفي الاعتماد، والسير في البلاد، وصبر كصبر الجماد، وبُكور كبكور الغراب (٣).

وعن أحمد بن حنبل رحمه الله أنه قيل له: أيرحل الرجل في طلب العلوّ؟ فقال: بلى والله شديدًا، لقد كان علقمة، والأسود يبلغهما الحديث عن عمر -رضي الله عنه-، فلا يُقنعهما حتى يخرجا إلى عمر -رضي الله عنه-، فيسمعانه منه (٤).

وأخرج الإمام أبو داود في "سننه" بسنده عن يحيى بن حمزة قال: سمعت أبا وهب يقول: سمعت مكحولًا يقول: كنت عبدًا بمصر لامرأة من بني هُذيل، فأعتقتني، فما خرجت من مصر وبها علم، إلا حَوَيت عليه فيما أَرَى، ثم أتيت الحجاز، فما خرجت منها، وبها علم إلا حويت عليه فيما أرى، ثم أتيت العراق، فما خرجت منها، وبها علم إلا حويت عليه فيما أرى، ثم أتيت الشام، فغربلتها، كل ذلك أسأل عن النَّفَل، فلم أجد أحدًا يخبرني فيه بشيء، حتى لقيت شيخًا يقال له: زياد بن جارية التميمي، فقلت له: هل سمعت في النَّفَل شيئا؟ قال: نعم، سمعت حبيب بن مَسْلَمة الْفِهْرَّي يقول: "شهدت النبي -صلى الله عليه وسلم- نَفَّلَ الربع في البدأة، والثلث في الرجعة" (٥).

---

(١) أصل الحديث المرفوع دون قصّة شعبة صحيح، أخرجه مسلم في "صحيحه" ١/ ١٤٤.
(٢) أي الكوفة والبصرة، وبينهما مسافة تزيد على ٣٥٠ كيلو مترًا.
(٣) "تذكرة الحفاظ" ص ٨١.
(٤) "علوم الحديث" لابن الصلاح ص ٢٢٣.
(٥) حديث صحيح، أخرجه أبو داود برقم (٢٧٥٠).