[تنبيه]: عطف "محبيه" على ما قبله من عطف العامّ على الخاصّ؛ ليشمل من أتى بعدهم متمسّكًا بسنته -صلى الله عليه وسلم- إلى يوم القيامة، وقدّم الآل؛ لأن النصّ ورد بالصلاة عليهم، حيث قال -صلى الله عليه وسلم- في تعليمه الصلاة لمّا سئل عن كيفيّة الصلاة المأمور بها في الآية:"قولوا: اللهم صلّ على محمد، وعلى آل محمد الخ". وأما الصلاة على الصحب، وتاليه، فمن استحسانات العلماء، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
[تنبيه]: إنما قَرَن المصنّف رحمه الله تعالى الصلاة بذكر السلام، امتثالًا للأمر الوارد في الآية الكريمة:{صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}[الأحزاب: ٥٦]، وخروجًا من الخلاف في كراهة إفراد أحدهما عن الآخر، وإن كان المختار عدم الكراهة.
قال الحافظ السخاويّ رحمه الله تعالى: استُدلّ بحديث كعب بن عُجرة -رضي الله عنه-، وغيره -يعني حديث تعليمه -صلى الله عليه وسلم- الصلاة الإبراهيميّة لمّا سألوه عن كيفيّة الصلاة عليه- على أن إفراد الصلاة عن التسليم لا يكره، وكذا العكس؛ لأن تعليم السلام تقدّم قبل تعليم الصلاة، فأُفرِدَ التسليمُ مدّةً في التشهّد قبل الصلاة عليه.
وقد صرّح النوويّ رحمه الله تعالى في "الأذكار" وغيره بالكراهة، واستدلّ بورود الأمر بهما معًا في الآية. قال شيخنا -يعني الحافظ ابن حجر-: وفيه نظر، نعم يكره أن يُفرد الصلاة، ولا يُسلّم أصلًا، أما لو صلّى في وقتٍ، وسلّم في وقتٍ آخر، فإنه يكون ممتثلًا انتهى كلام السخاويّ (١).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: لي فيما ذُكر وقفتان:
(الأولى): قول النوويّ بكراهة الإفراد مما لا دليل عليه، فإنّ مجرّد الاقتران في الآية لا يدلّ عليه، كما أنّ قوله تعالى:{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}[البقرة: ٤٣] لا يدلّ على ذلك، فلا قائل بأن من وجبت عليه الزكاة لا بدّ أن يؤدّيها مؤونة بالصلاة، بحيث إنه لو فرّق بينهما كُره عليه.
(١) "القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع" ص ٣٥.