يُعرَف". قال البيهقي: قال ابن خزيمة: في صحة هذا الحديث مقال، لم نَرَ في شرق الأرض ولا غربها أحدا يعرف خبر ابن أبي ذئب، من غير رواية يحيى بن آدم، ولا رأيت أحدا من علماء الحديث يُثبت هذا عن أبي هريرة. قال البيهقي: وهو مختلف على يحيى ابن آدم في إسناده ومتنه اختلافا كثيرا، يوجب الاضطراب، مفهم من يذكر أبا هريرة، ومنهم من لا يذكره ويرسل الحديث، ومنهم من يقول في متنه: "إذا رويتم الحديث عني فاعرضوه على كتاب إلله". وقال البخاري في "تاريخه": ذكر أبي هريرة فيه وَهَمٌ. ثم أخرج البيهقي من طريق الحارث بن نَبْهان، عن محمد بن عبد الله العرزمي، عن عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما بلغكم عني من حديث حسن لم أقله، فأنا قلته". قال البيهقي: هذا باطل، والحارث، والعرزمي متروكان (١)، وعبد الله بن سعيد عن أبي هريرة مرسل فاحش. قال: وقد رُوي عن أبي هريرة ما يضادّ بعض هذا، ثم أخرج من طريق أبي معشر السندي، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته، يأتيه الحديث من حديثي، فيقول: اتل عليّ قرآنًا، ما آتاكم من خير عني، قلته أو لم أقله فأنا أقوله، وما أتاكم عني من شر، فإني لا أقول الشر". قال البيهقي: صدر هذا الحديث موافق للأحاديث الصحيحة في قبول الأخبار، وقوله: "قلته أو لم أقله" في هذه الأحاديث ما لا يليق بكلام النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا يشبه المقبول. ثم أخرج من طريق عبد الرحمن ابن سلمان بن عمرو مولى المطلب، عن أبي الحويرث، عن محمد بن جبير بن مطعم: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما حُدّثتم عني مما تعرفون فصدقوا، وما حدثتم عني مما تنكرون فلا تصدقوا، فإني لا أقول المنكر، وليس مني". قال البيهقي: وهذا منقطع، قال: وأمثل إسناد رُوَي في هذا المعنى ما رواه ربيعة، عن عبد الملك بن سعيد بن سويد، عن أبي حميد، أو أبي أُسيد قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا سمعتم الحديث عني تعرفه قلوبكم،
(١) وكذا عبد الله سعيد بن أبي سعيد متروك أيضًا. انظر "تقريب التهذيب" في ترجمته.