أنكره عليه، فلما أُخبر عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأى عليه حقّا أن يرجع عن خلاف ابن عباس.
وأخرج الشيخان عن سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس: إن نوفا الْبِكَالي يزعم أن موسى صاحب الخضر ليس بموسى بني إسرائيل، فقال: كَذَبَ عَدُوُّ الله، أخبرني أُبَيّ ابن كعب قال: خطبنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فذكر حديث موسى والخضر. قال الشافعي: ابن عباس مع فقهه وورعه كَذَّب امرأً من المسلمين، ونسبه إلى عداوة الله لما أخبر به عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من خلاف قوله. وأخرج البيهقي والحاكم عن هشام بن جبير قال: كان طاوس يصلي ركعتين بعد العصر، فقال له ابن عباس: اترُكهما، فقال: ما أَدَعُهما، فقال ابن عباس: فإنه قد نَهَى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن صلاة بعد العصر، ولا أدري أتعذب أم تؤجر؟؛ لأنَّ الله قال:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ}[الأحزاب: ٣٦]. قال الشافعي: فَرَأيَ ابن عباس الحجة قائمة على طاوس بخبره عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ودَلَّه بتلاوة كتاب الله عز وجل على أن فرضا عليه أن لا يكون له الخيرة إذا قضى الله ورسوله أمرًا. وأخرج مسلم عن ابن عمر قال: كنا نُخَابِر، ولا نرى بذلك بأسًا، حتى زعم رافع أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عنها، فتركناها من أجل ذلك. قال الشافعي: فابن عمر قد كان ينتفع بالمخابرة، ويراها حلالًا، ولم يتوسع إذ أخبره الثقة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أنه نهى عنها أن يخابر بعد خبره. وأخرج البيهقي عن عطاء بن يسار، أن معاوية بن أبي سفيان باع سقاية من ذهب أو ورق بأكثر من وزنها، فقال له أبو الدرداء: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن مثل هذا، إلا مثلا بمثل، فقال له معاوية: ما أرى بهذا بأسًا، فقال أبو الدرداء: من يعذرني من معاوية، أُخبره عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ويخبرني عن رأيه، لا أُساكنك بأرض أنت بها (١). قال الشافعي: فرأى أبو الدرداء الحجة تقوم على معاوية بخبره، فلما لم ير معاويةُ ذلك فارق أبو الدرداء الأرض التي هو بها؛ إعظامًا؛ لأنه ترك خبر ثقة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. قال الشافعي: وأُخْبِرنا أن أبا سعيد الخدري لقي رجلًا، فأخبره عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيئًا، فخالفه، فقال أبو سعيد: والله لا