للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إن فلانا يتكلم في وكيع، وعيسى بن يونس، وابن المبارك، فقال: من كَذّب أهل الصدق فهو الكذاب. وأخرج مسلم عن ابن سيرين قال: لقد أتى على الناس زمان، وما يُسأل عن إسناد حديث، فلما وقعت الفتنة، سئل عن إسناد الحديث، فنُظر من كان من أهل السنة أُخذ من حديثه، ومن كان من أهل البدع تُرك حديثه. وأخرج البيهقي عن مالك قال: كان عمر بن عبد العزيز يقول: سَنَّ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، وولاة الأمر من بعده سننا الآخذ بها تصديق كتاب الله، واستكثار لطاعة الله، وقوة على دين الله، من اهتدى بها فهو مهتد، ومن استنصر بها فهو منصور، ومن خالفها اتبع غير سبيل المؤمنين، والله تعالى يقول: {نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: ١١٥]. وأخرج بسنده عن المزنى، أو الربيع قال: كنا يوما عند الشافعي، إذ جاء شيخ عليه جبة صوف، وعمامة صوف، وأزرار صوف، وفي يده عُكّاز، فقام الشافعي، وسَوّى عليه ثيابه، واستوى جالسًا، وسلم الشيخ، وجلس، وأخذ الشافعي ينظر إلى الشيخ هيبة له، إذ قال له للشيخ: سل، قال: إيش الحجة في دين الله؟ قال: كتاب الله، قال: وماذا؟ قال: وسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال: وماذا؟ قال: اتفاق الأمة، قال: من أين قلت اتفاق الأمة من كتاب الله؟، قال: فتدبر الشافعي ساعة، فقال للشافعي: قد أجلتك ثلاثة أيام ولياليها، فإن جئت بحجة من كتاب الله في الاتفاق، وإلا تب إلى الله، فتغير لون الشافعي، ثم إنه ذهب، فلم يخرج إلا بعد ثلاثة أيام ولياليهن، قال: فخرج إلينا من اليوم الثالث، وقد انتفخ وجهه ويداه ورجلاه، وهو مِسْتقَام، فجلس، فلم يكن بأسرع، إذ جاء الشيخ، وسلم وجلس، فقال: حاجتي، فقال الشافعي: نعم، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، قال الله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: ١١٥]، لا يُصلِيه على خلاف المؤمنين إلا وهو فرض، فقال: صدقت، وقام فذهب، فلما ذهب الرجل، قال الشافعي: قرأت القرآن كل يوم وليلة ثلاث مرات،

<<  <  ج: ص:  >  >>