بالسنن، فلم يبق بأيديهم حجة. وأخرج سعيد بن منصور عن عمران بن حصين، أنهم كانوا يتذاكرون الحديث، فقال رجل: دعونا من هذا، وجيؤنا بكتاب الله، فقال عمر: إنك أحمق، أتجد في كتاب الله الصلاة مفسرةً، أتجد في كتاب الله الصيام مفسرًا، إن القرآن أحكم ذلك، والسنة تفسره. وأخرج الدارمي عن المسيب بن رافع قال: كانوا إذا نزلت بهم القضية التي ليس فيها من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أثر، اجتمعوا لها وأجمعوا، فالحق فيما رأوا، فالحق فيما رأوا.
وأخرج الدارمي عن ميمون بن مهران قال: كان أبو بكر -رضي الله عنه-، إذا ورد عليه الخصم، نظر في كتاب الله، فإن وجد فيه ما يقضى به بينهم قضى به، وإن لم يكن في الكتاب، وعلم من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ذلك الأمر سنة قضى بها، فإن أعياه خرج، فسأل المسلمين، وقال: أتاني كذا وكذا فهل علمتم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قضى في ذلك بقضاء، فربما اجتمع إليه النفر كلهم، يذكر عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيه قضاء، فيقول أبو بكر: الحمد لله الذي جعل فينا من يحفظ علينا ديننا. وأخرج عن أبي نضرة قال: لمّا قَدِم أبو سلمة البصرة أتيته أنا والحسن، فقال للحسن: أنت الحسن بلغني أنك تفتي برأيك، فلا تُفْتِ برأيك إلا أن تكون سنة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أو كتاب منزل. وأخرج عن جابر بن زيد، أن ابن عمر لقيه في الطواف، فقال له: يا أبا الشعثاء إنك من فقهاء البصرة، فلا تفت إلا بقرآن ناطق، أو سنة ماضية، فإنك إن فعلت غير ذلك هلكت وأهلكت. وأخرج عن شُريح قال: إنك لن تضل ما أخذت بالأثر. وأخرج عن الحسن قال: إن أهل السنة كانوا أقل الناس فيما مضى، وهم أقل الناس فيما بقي الذين لم يذهبوا مع أهل الأتراف في أترافهم، ولا مع أهل البدع في بدعهم، وصبروا على سنتهم حتى لقوا ربهم. وأخرج عن ابن مسعود قال: الاقتصاد في السنة خير من الاجتهاد في البدعة. أخرجه الحاكم. وأخرج الدارمي عن عطاء في قوله تعالى:{أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}[النساء: ٥٩]، قال: أولو العلم والفقه، فطاعة الرسول اتباع الكتاب والسنة.