وكان به صمم. وقال حماد بن زيد عن عاصم الأحول: سمعت مُوَرِّقا يقول: ما رأيت رجلا أفقه في ورعه، ولا أورع في فقهه، من محمد بن سيرين. قال: وقال أبو قلابة: اصْرِفُوه حيث شئتم، فلتجدنه أشدكم ورعا، وأملككم لنفسه. وقال معتمر عن ابن عون: كان من أرجى الناس لهذه الأمة، وأشدهم إِزْراءً على نفسه، وكان كاتب أنس بن مالك بفارس. وقال ابن سعد: سألت محمد بن عبد الله الأنصاري عن السبب الذي حُبِس محمد لأجله؟ فقال: كان اشترى طعاما بأربعين ألفًا، فأُخبر عن أصله بشيء كرهه، فتصدق به، وبقي المال عليه، فحُبِسَ، حَبَسَته امرأة، وعن ثابت البناني قال: قال لي محمد بن سيرين: كنت أمتنع من مجالستكم مخافة الشهرة، فلم يزل بي البلاء حتى أُخِذ بلحيتي، وأقمت على المِصْطَبَّة (١)، وقيل: هذا محمد بن سيرين أكل أموال الناس، ويُرْوَى في سبب حبسه غير ذلك.
قال حماد بن زيد: مات الحسن أول يوم من رجب سنة عشرة ومائة، وصليت عليه، ومات محمد لتسع مضين من شوال منها. وقال ابن حبان: كان محمد بن سيرين من أورع أهل البصرة، وكان فقيها فاضلًا حافظًا متقنا يعبر الرؤيا، مات وهو ابن (٧٧) سنة.
أخرج له الجماعة، وله في هذا الكتاب (٤١) حديثًا.
٥ - (أنس بن مالك) بن النضر بن ضَمْضَم بن زيد بن حَرَام بن جُندَب بن عامر ابن غَنْم بن عديّ بن النجار الأنصاري، أبو حمزة، خادم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، نزيل البصرة، رَوَى عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وعن أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعبد الله بن رواحة، وجماعة آخرين، وروى عنه جلّ التابعين.
قال الزهري، عن أنس: قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المدينة، وأنا ابن عشر سنين، وكنّ