فيمن تبين كذبه: الظاهر تكرر ذلك منه، حتى ظهر لنا، ولم يتعين لنا ذلك فيما رَوَى من حديثه، فوجب إسقاط الكل، وهذا واضح بلا شك، ولم أَرَ أحدا تنبّه لما حررته -ولله الحمد-.
وإلى هذا أشار السيوطي رحمه الله تعالى في "ألفية الحديث" بقوله:
وَمَا رَآهُ الأَوَّلُونَ أَرْجَحُ ... دَلِيلُهُ في شَرْحِنَا مُوَضَّحُ
انتهى كلام السيوطيّ رحمه الله تعالى (١).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي قرره السيوطيّ رحمه الله تعالى من ترجيح قول ما ذهب إليه أحمد، والحميديّ، والصيرفيّ، والسمعانيّ من عدم قبول توبة الكاذب في حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تغليظًا، وزجرًا هو الصواب عنديّ، لوضوح حجته، كما حققه هو رحمه الله تعالى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة السابعة): في حكم رواية الحديث الموضوع:
قال في "تدريب الراوي": ما حاصله: تحرم رواية الموضوع مع العلم بوضعه، وكذا مع الظنّ مطلقًا، في أي معنى كان، سواء الأحكام، والقِصص، والترغيب، وغيرها، إلا مقرونًا ببيان وضعه، لما رواه مسلم في "صحيحه" من حديث المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال:"من حدّث عنّي بحديث يُرى أنه كذبٌ، فهو أحد الكاذبين". وقوله:"يُرى" بضم الياء بمعنى يظنّ، وفي "الكاذبين" روايتان، فتح الموحدة، على إرادة التثنية، وكسرها على إرادة الجمع.