للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال في "سير أعلام النبلاء" بعد ذكره الحكاية: ما نصّه: قلت: معاذ الله أن يكون يحيى وهؤلاء بَدَا منهم هذا بناءً على أصل فاسد واهٍ، ولكنّ هذه الخرافة من صَنْعَة سليمان، وهو الشاذكونيّ -لا صبّحه الله بخير- فإنه مع تقدّمه في الحفظ متّهمٌ بالكذب، وانظر كيف قد سلسل الحكاية، ويُبيّن لك بطلانها أن فاطمة بنت المنذر لما كانت بنت تسع سنين لم يكن زوجها هشام خُلِق بعدُ، فهي أكبر منه ببضع عشرة سنة، وأسنده منه، فإنها روت كما ذكرنا عن أسماء بنت أبي بكر، وصحّ أن ابن إسحاق سمع منها، وما عرف بذلك هشام، أفبمثل هذا القول الواهي يُكذّب الصادق؟ كلا والله، نعوذ بالله من الهوى والمكابرة، ولكن صَدَق القاضي أبو يوسف إذ يقول: من تتبّع غريب الحديث كُذِّب، وهذا من أكبر ذنوب ابن إسحاق، فإنه كان يكتب عن كلّ أحد، ولا يتورّع سامحه الله. انتهى كلام الذهبيّ (١).

وقال الأثرم عن أحمد: هو حسن الحديث. وقال مالك: دجال من الدجاجلة. وقال البخاري: رأيت علي بن عبد الله يحتج بحديث ابن إسحاق، قال: وقال علي: ما رأيت أحدا يَتَّهِم ابن إسحاق، قال: وقال لي إبراهيم بن المنذر: ثنا عمر بن عثمان أن الزهري كان يتلقف المغازي من ابن إسحاق فيما يحدثه عن عاصم بن عمر بن قتادة، والذي يُذكَر عن مالك في ابن إسحاق لا يكاد يَتبَيَّنُ، وكان إسماعيل بن أبي أويس من أتبع من رأينا لمالك، أخرج إليّ كتب ابن إسحاق عن أبيه في المغازي وغيرها، فانتخبت منها كثيرًا، قال: وقال لي إبراهيم بن حمزة: كان عند إبراهيم بن سعد، عن بن إسحاق نحو من سبعة عشر ألف حديث في الأحكام سوى المغازي، وإبراهيم بن سعد من أكثر أهل المدينة حديثا في زمانه، قال: ولو صح عن مالك تناوله من ابن إسحاق، فلربما تكلم الإنسان، فيرمي صاحبه بشيء، ولا يتهمه في الأمور كلها، قال: وقال إبراهيم بن المنذر عن محمد بن فليح: نهاني مالك عن شيخين من قريش، وقد أكثر عنهما في


(١) "سير أعلام النبلاء" ٧/ ٤٩ - ٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>