شيء تكلم فيه، والظاهر أنه لأمر غير الحديث؛ لأن سليمان ليس من أهل الجرح والتعديل.
قال ابن حبان في "الثقات" تكلم فيه رجلان: هشام ومالك، فأما قول هشام فليس مما يجرح به الإنسان، وذلك أن التابعين سمعوا من عائشة من غير أن ينظروا إليها، وكذلك ابن إسحاق كان سمع من فاطمة، والستر بينهما مُسْبَل، وأما مالك فإن ذلك كان منه مرة واحدة، ثم عادله إلى ما يُحبّ، ولم يكن يقدح فيه من أجل الحديث، إنما كان ينكر تتبعه غزوات النبي -صلى الله عليه وسلم- من أولاد اليهود الذين أسلموا، وحفظوا قصة خيبر وغيرها، وكان ابن إسحاق يتتبع هذا منهم من غير أن يحتج بهم، وكان مالك لا يرى الرواية إلا عن متقن. ولما سئل ابن المبارك قال: إنا وجدناه صدوقا ثلاث مرات. قال ابن حبان: ولم يكُن أحدٌ بالمدينة يقارب ابن إسحاق في علمه، ولا يوازيه في جمعه، وهو من أحسن الناس سياقا للأخبار إلى أن قال: وكان يكتب عمن فوقه ومثله ودونه، فلو كان ممن يستحل الكذب لم يحتج إلى النزول، فهذا يدلك على صدقه، سمعت محمد ابن نصر الفراء يقول: سمعت يحيى بن يحيى، وذُكِرَ عنده محمد بن إسحاق فوثقه. وقال الدارقطني: اختلف الأئمة فيه، وليس بحجة إنما يُعتَبر به. وقال أبو يعلى الخليلي: محمد ابن إسحاق عالم كبير، وإنما لم يخرجه البخاري من أجل روايته المطولات، وقد استشهد به، وأكثر عنه فيما يَحكِي في أيام النبي -صلى الله عليه وسلم- وفي أحواله وفي التواريخ، وهو عالم واسع الرواية والعلم ثقة. وقال ابن الْبَرْقِيّ: لم أر أهل الحديث يختلفون في ثقته وحسن حديثه وروايته، وفي حديثه عن نافع بعض الشيء. وقال أبو حاتم الرازي: يكتب حديثه. وقال أبو زرعة: صدوق. وقال الحاكم: قال محمد بن يحيى: هو حسن الحديث، عنده غرائب. ورَوَى عن الزهري، فأحسن الرواية. قال الحاكم: وذُكِر عن البوشنجي أنه قال: هو عندنا ثقة ثقة.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: القول الوسط في ابن إسحاق، هو ما قاله الإمام الذهبيّ رحمه الله تعالى في "الميزان" -بعد ما ساق أقوال المعدّلين والجارحين له-: