علي كل حديث كان بالمدينة، وكل من كانت له من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منزلة، ومن أخرجه من المدينة أن يساكنه، قال: فوالله ما زال مروان بعد ذلك كافا عنه. وأخرج ابن أبي خيثمة من طريق ابن إسحاق، عن عمر، أو عثمان بن عروة عن أبيه، قال: قال: أبي أدنني من هذا اليماني -رضي الله عنه -يعني أبا هريرة -رضي الله عنه- فإنه يكثر، فأدنيته، فجعل يحدث، والزبير يقول: صدق، كذب، فقلت: ما هذا؟ قال: صدق أنه سمع هذا من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولكن منها ما وضعه في غير موضعه. وتقدم قول طلحة: قد سمعنا كما سمع، ولكنه حفظ ونسينا. وفي "فوائد تمام" من طريق أشعث بن سليم، عن أبيه، سمعت أبي يحدث عن أبي هريرة، فسألته، فقال: إن أبا هريرة سمع. وأخرج أحمد في "الزهد" بسند صحيح، عن أبي عثمان النهدي، قال: تضيفت أبا هريرة سبعا، فكان هو وامرأته وخادمه، يقسمون الليل أثلاثا، يصلي هذا ثم يوقظ هذا. وأخرج ابن سعد بسند صحيح عن عكرمة، أن أبا هريرة كان يسبح كل يوم اثنتي عشرة ألف تسبيحة، يقول: أسبح بقدر ديتي (١). وفي "الحلية" من تاريخ أبي العباس السراج بسند صحيح، عن مضارب بن حزن، كنت أسير من الليل، فإذا رجل يكبر، فلحقته، فقلت: ما هذا؟ قال: أكثر شكر الله علي أن كنت أجيرا لبسرة بنت غزوان لنفقة رحلي، وطعام بطني، فإذا ركبوا سبقت بهم، وإذا نزلوا خدمتهم، فزوجنيها الله، فأنا أركب، وإذا نزلت خُدِمت. وأخرجه ابن خزيمة من هذا الوجه، وزاد: وكانت إذا أتت على مكان سهل نزلت، فقالت: لا أَرِيم حتى تجعل لي عصيدة، فها أنا إذا أتيت على نحو من مكانها، قلت: لا أريم حتى تجعلي لي عصيدة. وقال عبد الرزاق: أخبرنا معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين: أن عمر استعمل أبا هريرة على البحرين، فقدم بعشرة آلاف، فقال له عمر: استأثرت بهذه الأموال، فمن أين لك؟ قال: خيل نُتجت، وأعطية تتابعت، وخراج
(١) هكذا في "سير أعلام النبلاء" "ديتي"، ووقع في "الإصابة" وغيرها بلفظ "ذنبي"، والظاهر أنه مصحّف.