الحديث عنّي، وهذا التركيب هو الذي يُسمّى في علم النحو بـ "التحذير"، وهو تنبيه المخاطب على أمر يجب الاحتراز منه، نحو:"إياك والشرّ"، وهو منصوب بفعل محذوف وجوبًا، فقيل: التقدير: اتّقوا أنفسكم وكثرة الحديث، وقيل: باعدوا أنفسكم من كثرة الحديث، وكثرة الحديث منكم، وقيل: احذروا تلاقي أنفسكم وكثرة الحديث.
وراجع تفاصيل المسألة في شروح "الخلاصة"، وحواشيها في "باب التحذير والإغراء". والله تعالى أعلم.
(فَمَنْ قَالَ عَلَيَّ) أي أراد نسبة القول إليّ (فَلْيَقُلْ حَقًّا أَوْ صِدْقًا)"أو" للشكّ من الراوي (وَمَنْ تَقَوَّلَ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ) أي افترى عليّ، ونسب إليّ ما لم أقله (فَلْيَتبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ") أي هذا جزاؤه، وقد تقدّم أنه يحتمل أن يكون إخبارًا، وأن يكون دعاء عليه، وفي كلا الحالتين وعيد شديد؛ لأن إخباره -صلى الله عليه وسلم- واقع حقّا وصدقًا، ودعاءه لمن يستحقّ مستجاب. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث أبي قتادة -رضي الله عنه- هذا صحيح.
[فإن قلت]: كيف يصحّ، وفيه عنعنة ابن إسحاق، وهو مدلّسٌ، كما سبق في ترجمته؟.
[قلت]: ثبت تصريحه عند الإمام أحمد رحمه الله في "مسنده"، ونصّه: