بعدهم، قيس بن أبي حازم، ومسروق، وقبيصة بن ذؤيب، ونافع بن جبير، وبكر بن عبد الله المزني، والأسود بن هلال، وزياد بن علاقة، وآخرون. قال ابن سعد: كان يقال له: مغيرة الرأي، وشهد اليمامة، وفتوح الشام والعراق، وقال الشعبي، كان من دُهاة العرب، وكذا ذكره الزهري. وقال قبيصة بن جابر: صحبت المغيرة، فلو أن مدينة لها ثمانية أبواب، لا يخرج من باب منها إلا بالمكر لخرج المغيرة من أبوابها كلها، وولاه عمر البصرة، ففتح مِيسان، وهَمَذان، وعِدّة بلاد إلى أن عزله لا شهد عليه أبو بكرة ومن معه. قال البغوي: كان أول من وضع ديوان البصرة. وقال ابن حبان: كان أول من سُلِّم عليه بالإِمْرة (١)، ثم ولاه عمر الكوفة، وأقره عثمان، ثم عزله، فلما قُتل عثمان اعتزل القتال إلى أن حضر مع الحكمين، ثم بايع معاوية بعد أن اجتمع الناس عليه، ثم ولاه بعد ذلك الكوفة، فاستمر على إمرتها حتى مات سنة خمسين عند الأكثر، ونقل فيه الخطيب الإجماع، وقيل: مات قبلُ بسنة، وقيل بعدها بسنة. وقال الطبري: كان لا يقع في أمر إلا وجد له مخرجا، ولا يلتبس عليه أمران إلا ظهر الرأي في أحدهما.
وأخرج البغوي من طريق هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، قال: استعمل عمر المغيرة على البحرين، فكرهوه، وشَكَوا منه، فعزله، فخافوا أن يعيده عليهم، فجمعوا مائة ألف، فأحضرها الدِّهْقان إلى عمر، فقال: إن المغيرة أختان هذه، فأودعها عندي، فدعاه، فسأله، فقال: كذب، إنما كانت مائتي ألف، فقال: وما حملك على ذلك، قال كثرة العيال، فسُقِطَ في يد الدّهقان، فحلف وأكد الأيمان أنه لم يودع عنده قليلا ولا كثيرا، فقال عمر للمغيرة: ما حمل على هذا؟، قال: إنه افترى عليّ، فأردت أن أُخزيه.
قال أبو عبيد القاسم بن سلام: توفي سنة تسع وأربعين، وهو أميرها، وقال ابن
(١) قال الحافظ الذهبيّ رحمه الله تعالى في "سير أعلام النبلاء" ٣/ ٢٨: يعني قول المؤذّن عند خروج الإمام إلى الصلاة: السلام عليك أيها الأمير ورحمة الله وبركاته". انتهى.