للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى-بعد ذكر رواية المصنّف هذه التي فيها تصريح يحيى بالسماع من العرباض -رضي الله عنه-: ما نصّه:

وهذا في الظاهر إسناد جَيِّدٌ مُتّصِلٌ، ورواته ثقات مشهورون، وقد صَرّح فيه بالسماع، وقد ذكر البخاري في "تاريخه" (١) أن يحيى بن أبي المطاع سمع من العرباض اعتمادًا على هذه الرواية، إلا أن حفاظ أهل الشام أنكروا ذلك، وقالوا: يحيى بن أبي المطاع لم يسمع من العرباض، ولم يَلْقَه، وهذه الرواية غلط، وممن ذَكَر ذلك أبو زرعة الدمشقيُّ، وحكاه عن دُحَيم، وهؤلاء أعرف بشيوخهم من غيرهم، والبخاريُّ رحمه الله يقع له في "تاريخه" أوهام في أخبار أهل الشام.

وقد رُوي عن العرباض من وجوه أُخَر، وروي من حديث بُريدة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا أن إسناد بُريدة لا يثبت. انتهى كلام ابن رجب (٢).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: حاصل ما سبق أن يحيى بن أبي المطاع لم يسمع من العرباض -رضي الله عنه-، كما أنكر ذلك دُحيم، وأبو زرعة، وقد أيّد ذلك ابن رجب بأنهما أعلم بشيوخ بلدهما، وأن إثبات البخاريّ السماع له مُستَنَدُه هذه الرواية، وأن إنكارهما أرجح من إثباته؛ لما ذُكر، ولأنه يقع له في "تاريخه" أوهام في أخبار أهل الشام.

لكن الحديث وإن طُعِن فيه بما ذُكر يؤيّده السند التالي، فيصحّ به. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه والمرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في فوائده:

١ - (منها): ما ترجم له المصنّف، وهو اتّباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين، وأن اتباع سنّتهم -رضي الله عنهم- عينُ اتّباع سنته -صلى الله عليه وسلم-.


(١) أي "التاريخ الكبير" ٨/ ٣٠٦ رقم (٣١١١) وفيه: يحيى بن أبي المطاع القرشيّ يُعَدّ في الشاميين، سمع عرباض بن سارية، روى عنه العلاء بن زبر. انتهى.
(٢) "جامع العلوم والحكم" ٢/ ٨٥ - ٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>