للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: ١٢٥].

ولكنه كان لا يُديم وعظهم، بل يَتَخَوَّلهم بها أحيانا، كما في "الصحيحين" عن أبي وائل، قال: كان عبد الله بن مسعود يُذَكِّرُنا كل يوم خميس، فقال له رجل: يا أبا عبد الرحمن إنا نحب حديثك، ونشتهيه، ولَوَدِدنَا أنك تحدثنا كل يوم، فقال: ما يمنعني أن أحدثكم كل يوم إلا كراهةُ أن أملكم، إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يتخولنا بالموعظة كراهة السآمة علينا. وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يَقصُرُ الخطبة، ولا يطيلها، بل كان يُبلِغُ ويُوجِز.

وفي "صحيح مسلم" عن جابر بن سمرة -رضي الله عنه- قال: كنت أصلي مع النبي -صلى الله عليه وسلم-، فكانت صلاته قَصْدًا، وخطبته قصدًا. وأخرجه أبو داود، ولفظه: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يطيل الموعظة يوم الجمعة، إنما هي كلمات يسيرات. وأخرجه مسلم من حديث أبي وائل قال: خطبنا عمار -رضي الله عنه-، فأوجز وأبلغ، فلما نزل قلنا: يا أبا اليقظان، لقد أبلغت وأوجزت، فلو كنت تنفست، قال: إني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن طُولَ صلاة الرجل، وقِصَرَ خطبته مَئِنّةٌ من فقهه، فأطيلوا الصلاة، وأقصروا الخطبة، فإن من البيان سحرًا".

وأخرج الإمام أحمد، وأبو داود، من حديث الحكم بن حزن -رضي الله عنه- قال: شهدت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الجمعة، فقام متوكئا على عصا أو قوس، فحمد الله، وأثنى عليه، كلمات خفيفات طيبات مباركات. وأخرج أبو داود (١) عن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رجلا قام يومًا، فأكثر القول، فقال عمرو: فلو قصد في قوله لكان خيرًا له، سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "لقد رأيتُ أو أمرتُ أن أتجوّز في القول، فإن الجواز هو خير" (٢).

والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.


(١) أخرجه أبو داود في "سننه" رقم (٥٠٠٨) قال الشيخ الألبانيّ رحمه الله تعالى: حسن الإسناد.
(٢) راجع "جامع العلوم والحكم" ٢/ ٨٦ - ٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>