للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأطيعوا ذا أمركم، تدخلوا جنة ربكم وفي رواية أخرى قال: "يا أيها الناس إنه لا نبي بعدي، ولا أُمّة بعدكم"، وذكر الحديث بمعناه. وقال الترمذيّ: حديث حسنٌ صحيح. وفي "المسند" (١) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من لَقِي الله لا يُشرك به شيئًا، وأَدَّى زكاة ماله طَيِّبةً بها نفسه، محُتسبًا، وسَمِعَ وأطاع، فله الجنة، أو دخل الجنّة" (٢). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة التاسعة): في شرح معنى "التقوى"، وتفصيل ما ورد من النصوص وأقوال أهل العلم المتعلّقة بذلك:

قال الإمام ابن رجب رحمه الله: أصل التقوى أن يجَعَل العبد بينه وبين ما يخافه ويَحذره وقايةً تقيه منه، فتقوى العبد لربه أن يجعل بينه وبين ما يخشاه من ربه من غضبه وسخطه وعقابه وقايةً تقيه من ذلك، وهو فعل طاعته، واجتناب معاصيه.

وتارة تضاف التقوى إلى اسم الله عز وجل كقوله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [المائدة:٩٦]، وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [الحشر: ١٨].

فإذا أضيفت التقوى إليه سبحانه فالمعنى: اتقوا سخطه وغضبه، وهو أعظم ما يُتَّقَى، وعن ذلك ينشأ عقابه الدنيوي والأخروي، قال تعالى: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ} الآية [آل عمران: ٣٥]، وقال تعالى: {هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ} [المدثر: ٥٦]، فهو سبحانه أهل أن يُخشَى، ويُهابَ، ويُجَلَّ ويُعَظَّم في صدور عباده، حتى يعبدوه ويطيعوه؛ لما يستحقه من الإجلال والإكرام، وصفات الكبرياء والعظمة، وقوة البطش وشدة البأس. وفي الترمذي (٣) وابن ماجه عن أنس -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذه


(١) في سنده بقيّة بن الوليد، وقد عنعنعه، وهو مدلّس.
(٢) "جامع العلوم والحكم" ٢/ ٩٠ - ٩١.
(٣) ضعيف في سنده سهيل بن عبد الله البصريّ ضعيف. أخرجه ٥/ ٤٣٠ في "كتاب التفسير"، =

<<  <  ج: ص:  >  >>