وهذا إشارة إلى أن عمر لم يَمُت حتى وضع الأمور في مواضعها، واستقامت الأمور، وذلك لطول مدته، وتفرغه للحوادث، واهتمامه بها، بخلاف مدة أبي بكر، فإنها كانت قصيرة، وكان مشغولا فيها بالفتوح، وبَعْثِ البعوث للقتال، فلم يتفرغ لكثير من الحوادث، وربما كان يقع في زمنه ما لا يبلغه، ولا يُرفَع إليه حتى رفعت تلك الحوادث إلى عمر، فرد الناس فيها إلى الحقّ، وحملهم على الصواب.
وأما ما لم يَجمَع عمر الناس عليه، بل كان له فيه رأي، وهو يُسَوِّغ لغيره أن يرى رأيا يخالف رأيه، كمسائل الجد مع الإخوة، ومسألة طلاق البتة، فلا يكون قول عمر فيه حجة على غيره من الصحابة -رضي الله عنهم-.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي قاله الحافظ ابن رجب تحقيق نفيس، إلا أن في بعض ما مَثَّل به لما جَمَع عمر الناس عليه، كالطلاق الثلاث نظرًا لا يخفى، وقد ذكرت تحقيقه في شرح النسائيّ، فليُراجع في محلّه من "كتاب الطلاق"، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وبالسند المتصل إلى الإمام ابن ماجة رحمه الله في أول الكتاب قال: