للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سِيرته، من تهادت المرأة في مشيها: إذا تبخترت، ولا يكاد يُطلق إلا على طريقة حسنة، وسنّة مرضيّة، ولذلك حسُن إضافة الخير إليه، والشرّ إلى الأمور. واللام في "الهدي" للاستغراق؛ لأن "أفعل التفضيل" لا يُضاف إلا إلى متعدّد، هو داخل فيه، ولأنه لو لم تكن للاستغراق لم تُفد المعنى المقصود، وهو تفضيل دينه وسنته على سائر الأديان والسنن. انتهى (١).

وقال النوويّ رحمه الله تعالى: قال العلماء: لفظ "الهدى" له معنيان:

(أحدهما): بمعنى الدلالة والإرشاد، وهو الذي يضاف إلى الرسل، والقرآن، والعباد، وقال الله تعالى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الشورى: ٥٢]، {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء: ٩]، و {هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} [البقرة: ٢]، ومنه قوله تعالى: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ} [فُصلت: ١٧]: أي بَيَّنّا لهم الطريق، ومنه قوله تعالى: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ} [الإنسان: ٣]، {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} [البلد: ١٠].

(والثاني): بمعنى اللطف، والتوفيق، والعصمة والتأييد، وهو الذي تفرد الله به، ومنه قوله تعالى: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [القصص: ٥٦].

وقالت القدرية: حيث جاء الهدى فهو للبيان؛ بناءً على أصلهم الفاسد في إنكار القدر، ورَدّ عليهم أهلُ الحق مثبتو القدر لله تعالى بقوله تعالى: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [يونس: ٢٥]، ففرق بين الدعاء والهداية (٢).

(وَشَرَّ الْأُمُورِ) إعرابه كسابقه (مُحْدَثَاتُهَا) بفتح الدال جمع محدثة، وهي التي ليس


(١) "الكاشف" ٢/ ٦٠٤.
(٢) راجع "شرح مسلم" للنوويّ ٦/ ١٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>