للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[فإن قلت]: "إذا" للاستقبال، و"لم" لقلب المضارع ماضيًا، فكيف يَجتمعان؟.

[أجيب]: بأنهما لما تعارضا تساقطا، فبقي على أصله، وهو المضارع، أو تعادلا، فيفيد الاستمرار.

[فإن قلت]: إذا كانت "إذا" شرطيّة يلزم من انتفاء الشرط انتفاء المشروط، ومن وجود المشروط وجود الشرط، لكنه ليس كذلك هنا؛ لجواز حصول الاتخاذ مع وجود العالم.

[أجيب]: بأن ذلك في الشروط العقليّة، أما في غيرها فلا نُسلّم اطّراد هذه القاعدة، ثم الاستلزام إنما هو في موضع لم يكن للشرط فيه بدلٌ، فقد يكون لمشروط واحد شروط متعاقبة، كصحّة الصلاة بدون الوضوء عند التيمّم، أو المراد بالناس جميعهم، فلا يصحّ أن الكلّ اتخذوا رءوسًا جُهّالًا إلا عند عدم بقاء العالم مطلقًا، وذلك ظاهر. قاله العينيّ رحمه الله تعالى (١).

(اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا) قال النووي: رحمه الله تعالى: ضبطنا "رءوسًا" -بضم الهمزة والتنوين- جمع رأس. قال في "الفتح": وفي رواية أبي ذر أيضًا: "رؤساء" -بفتح الهمزة، وفي آخره همزة أخرى مفتوحة، جمع رئيس، وكلاهما صحيح، والأول أشهر.

(جُهَّالًا) -بضم الجيم، وتشديد الهاء-: جمع جاهل، صفة لـ "رءوسًا".

[فإن قلت]: المراد بالجهل هنا الجهل البسيط، وهو عدم العلم بالشيء، لا مع اعتقاد العلم به، أم الجهل المركّب، وهو عدم العلم بالشيء مع اعتقاد العلم به؟.

[أجيب]: بأن المراد هو القدر المشترك بينهما المتناول لهما.

[فإن قلت]: أهذا مختصّ بالمفتين، أم عامّ للقضاة الجاهلين؟.

[أجيب]: بأنه عامّ؛ إذ الحكم بالشيء يستلزم الفتوى به. قاله العينيّ رحمه الله تعالى (٢).


(١) المصدر السابق ٢/ ٨٩.
(٢) "عمدة القاري" ٢/ ٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>