يذكرونه في كتبهم، ويَعتمدون عليه، وإن كان معناه صحيحًا، وقال ابن طاهر في تصنيف له مفرد في الكلام على هذا الحديث:
(اعلم): أنني فحصتُ عن هذا الحديث في المسانيد الكبار والصغار، وسألت عنه من لقيته من أهل العلم بالنقل، فلم أجد له غير طريقين:
[إحداهما]: طريق شعبة.
[والأخرى]: عن محمد بن جابر، عن أشعث بن أبي الشعثاء، عن رجل من ثقيف، عن معاذ، وكلاهما لا يصحّ، قال: وأقبح ما رأيت فيه قول إمام الحرمين في كتاب أصول الفقه: والعمدةُ في هذا الباب على حديث معاذ، قال: وهذه زلّة منه، ولو كان عالمًا بالنقل لما ارتكب هذه الجهالة.
قال الحافظ رحمه الله: قلت: أساء الأدب على إمام الحرمين، وكان يُمكنه أن يُعبّر بألين من هذه العبارة، مع أن كلام إمام الحرمين أشدّ مما نقله، فإنه قال: والحديث مدوّن في الصحاح، متّفقٌ على صحّته، لا يتطرّق إليه التأويل، كذا قال رحمه الله. وقد أخرجه الخطيب في كتاب "الفقيه والمتفقّه" من رواية عبد الرحمن بن غنم، عن معاذ بن جبل، فلو كان الإسناد إلى عبد الرحمن ثابتًا لكان كافيًا في صحة الحديث. انتهى كلام الحافظ في "التلخيص"(١).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: في كلام الحافظ المذكور لي نظر من وجهين:
[أحدهما]: قوله: "أساء الأدب إلخ" ليس فيه إساءة أدب؛ لأنه ما قال هذا الكلام إلا غضبًا للشرع حيث نسب إليه ما ليس منه، فإنه -كما اعترف به الحافظ نفسه- قال بصحّة الحديث، وأنه متّفقٌ على صحته، فكيف لا يَغْضَب من هذا مَن علم درجة الحديث، وقد ثبت في "الصحيح" أن ابن ابن عبّاس رضي الله عنهما لمّا سمع أن نوفا البكاليّ يقول: إن موسى صاحب الخضر ليس موسى بني إسرائيل قال: "كذب