لحِاجَتِهِ إِلَى بَيَانٍ مُحَقِّقٍ ... لأَوْصَافِ مَوْلانَا الإِلَهِ الْكَرِيمَة
وَأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى وَأَحْكَامِ دِينِهِ ... وَأَفْعَالِهِ في كُلِّ هَذِي الخَلِيقَةِ
وَهَذَا بِحَمْدِ اللَّه قَدْ بَانَ ظَاهِرًا ... وَإِلْهَامُهُ لِلْخَلْقِ أَفْضَلُ نِعْمَةِ
وَقَدْ قِيلَ في هَذَا وَخَطِّ كتَابِهِ ... بَيَانُ شِفَاءٍ للنُّفُوسِ السَّقِيمَةِ
فَقَوْلُكَ لمْ قَدْ شَاءَ مِثْلُ سُؤَالِ مَنْ ... يَقُولُ فَلِمْ قَدْ كَانَ في الأَزَليَّةِ
وَذَاكَ سُؤَالٌ يُبْطِلُ الْعَقْلُ وَجْهَهُ ... وَتَحْرِيمُهُ قَدْ جَاءَ في كُلِّ شِرْعَةِ
وفِي الْكَوْنِ تَخْصِيصٌ كَثِيرٌ يَدُلُّ من ... لَهُ نَوْعُ عَقْلٍ أَنَّهُ بِإِرَادَةِ
وَإِصْدَارُهُ عَنْ وَاحِدٍ بَعْدَ وَاحِدٍ ... أَوْ الْقَول بِالتَّجْوِيزِ رَمْيَةُ حَيْرَةِ
وَلَا ريْبَ في تَعْلِيقِ كُلِّ مُسَبَّبٍ ... بَما قَبْلَهُ مِنْ عِلَّةٍ مُوجِبَيَّةِ
بَلُ الشَّأْنُ في الأَسْبَابِ أَسْبَابِ مَا تَرَى ... وَإِصْدَارُهَا عَنْ حُكْمِ مَحْضِ الْمَشِيئَة
وَقَوْلُكَ لِم شَاءَ الإِلَهُ هُوَ الَّذِي ... أَزَلَّ عُقُولَ الخَلْقِ في قَعْرِ حُفْرَةِ
فَإِنَّ الْمَجُوسَ الْقَائِلِينَ بِخَالِقٍ ... لِنَفْعِ وَرَبِّ مُبْدِعِ لِلْمَضَرَّةِ
سُؤَالهُمُ عَنْ عِلَّةِ السِّرِّ أَوْقَعَتْ ... أَوَائِلَهُمْ في شُبْهَةِ الثَّنَوِيَّةِ
وَإِنَّ مَلَاحِيدَ الْفَلَاسِفَةِ الأُولَى ... يَقُولُونَ بِالْفِعْلِ الْقَدِيمِ لِعِلَّةِ
بَغَوْا عِلَّة لِلْكَوْنِ بَعْدَ انْعِدَامِهِ ... فَلَمْ يَجِدُوا ذَاكُمْ فَضَلُّوا بِضِلَّةِ
وَإِنَّ مَبَادِي الشَّرِّ في كُلِّ أُمَّةِ ... ذَوِي مِلَّةِ مَيْمُونَةٍ نَبَويَّةِ
بَخَوْضِهِمُ في ذَاكُمُ صَارَ شِرْكهُمْ ... وَجَاءَ دُرُوسُ الْبَيِّنَاتِ بِفَتْرَةِ
وَيَكْفِيكَ نَقْضًا أَنَّ مَا قَدْ سَأَلْته ... مِنَ الْعُذْرِ مَرْدُودٌ لَدَى كُلِّ فِطْرَةِ
فَأنْتَ تَعِيبُ الطَّاغِينَ جَمِيعَهُمْ ... عَلَيْكَ وَتَرْمِيهِمْ بِكُلِّ مَذَمَّةِ
وَتَنْحَلُ مَنْ وَالَاكَ صَفْوَ مَوَدَّةٍ ... وَتُبْغِضُ مَنْ نَاواكَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةِ
وَحَالهُمُ في كُلِّ قَوْلٍ وِفَعْلَةٍ ... كَحَالِكَ يَا هَذَا بِأَرْجَح حُجَّةِ