للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[تنبيه]: اختُلف في أول ما يتشكل من أعضاء الجنين، فقيل: قلبه؛ لأنه الأساس، وهو معدن الحركة الغريزية، وقيل: الدماغ؛ لأنه مَجْمَع الحْوَاسّ، ومنه ينبعث، وقيل: الكبد؛ لأن فيه النموّ والاغتذاء الذي هو قِوَام البدن، ورجّحه بعضهم بأنه مقتضى النظام الطبيعي؛ لأن النمو هو المطلوب أولًا، ولا حاجة له حينئذ إلى حِسّ، ولا حركة إرادية؛ لأنه حينئذ بمنزلة النبات، وإنما يكون له قوة الحس والإرادة عند تعلق النفس به، فيقدم الكبد، ثم القلب، ثم الدماغ. قاله في "الفتح" (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أن مثل هذا الاختلاف مما لا ينبغي الاشتغال به؛ لأنه لا يعتمد على نصّ صحيح، فليُتنبّه، والله تعالى أعلم.

(فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ) أي بأربع قضايا مقدرة، فكل قضية تسمى كلمة قولًا كان أو فعلًا، ووقع عند البخاريّ بلفظ: "فيؤمر بأربعة"، في رواية: "بأربع"، وكلاهما صحيحٌ؛ لأن المعدود إذا حُذف جاز تذكير العدد وتأنيثه، والمعنى أنه يؤمر بكتب أربعة أشياء من أحوال الجنين.

(فَيَقُولُ) أي سبحانه وتعالى (اكْتُبْ عَمَلَهُ، وَأَجَلَهُ، وَرِزْقَهُ) ووقع في رواية لمسلم: "فيؤمر بأربع كلمات، بكتب رزقه ... الخ"، وضبط بكتب بوجهين أحدهما بموحدة مكسورة وكاف مفتوحة، ومثناة ساكنة، ثم موحدة على البدل، والآخر بتحتانية مفتوحة بصيغة الفعل المضارع، وهو أوجه؛ لأنه وقع في رواية: "فيؤذن بأربع كلمات، فيكتب ... "، وكذا في رواية أبي داود وغيره.

والمراد من كتابة عمله هل هو صالح، أو فاسد، وبالأجل هل هو طويلٌ، أو قصير، وبالرزق تقديره قليلًا أو كثيرًا، وصفته حرامًا أو حلالًا.

(وَشَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ) بالرفع خبر مبتدإ محذوف، أي هو، والجملة عطف على مفعول "اكتُب"؛ لأنه أريد بها لفظها باعتبار الوجود الْكَتْبيّ، دون اللفظيّ، فإن اللفظ


(١) "الفتح" ١١/ ٥٨٧ - ٥٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>