للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

في الخامس، وزيادة حذيفة بن أَسِيد مُشعرة بأن الملك لا يأتي لرأس الأربعين بل بعدها، فيكون مجموع ذلك أربعة أشهر وعشرًا، وهو مصرح به في حديث ابن عباس: "إذا وقعت النطفة في الرحم مكثت أربعة أشهر وعشرًا، ثم يُنفخ فيها الروح".

وما أشار إليه من عدة الوفاة جاء صريحًا عن سعيد بن المسيب، فأخرج الطبري عنه أنه سئل عن عدة الوفاة، فقيل له: ما بال العشرة بعد الأربعة أشهر؟ فقال: يُنفخ فيها الروح.

وقد تمسك به من قال كالأوزاعي وإسحاق: إن عدة أم الولد مثل عدة الحرة، وهو قويّ؛ لأن الغرض استبراء الرحم، فلا فرق فيه بين الحرة والأمة، فيكون معنى قوله: "ثم يُرسل إليه الملك": أي لتصويره وتخليقه، وكتابة ما يتعلق به، فينفخ فيه الروح إثر ذلك، كما دلت عليه رواية البخاري وغيره.

ووقع في حديث علي بن عبد الله عند ابن أبي حاتم: "إذا تمت للنطفة أربعة أشهر، بعث الله إليها ملكًا فَيَنفُخ فيها الروح، فذلك قوله: {ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ} [المؤمنون: ١٤]، وسنده منقطع.

وهذا لا ينافي التقييد بالعشر الزائدة، ومعنى إسناد النفخ للملك أنه يفعله بأمر الله، والنفخ في الأصل إخراج ريح من جوف النافح ليدخل في المنفوخ فيه، والمراد بإسناده إلى الله تعالى أن يقول له: كن فيكون.

وجمع بعضهم بأن الكتابة تقع مرتين، فالكتابة الأولى في السماء، والثانية في بطن المرأة. ويحتمل أن تكون إحداهما في صحيفة، والأخرى على جبين المولود. وقيل: يختلف باختلاف الأجنة، فبعضها كذا، وبعضها كذا، والأول أولى (١).

(فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدهِ إِنَّ أَحَدَكُمْ) ولفظ البخاريّ: "فوالله إن أحدكم وفي لفظ: "فإن أحدكم"، ومثله لأبي داود، وفي لفظ: "فإن الرجل منكم ليعمل"، وفي رواية


(١) راجع "الفتح" ١١/ ٥٨٩ - ٥٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>