وأحب أن أسجل ههنا أنني كنت -في سياق إعداد مادة هذا الكتاب- أطالع صفحات من كتاب (الحجاب)، الذي ألفه العلامة أبو الأعلى المودودي رحمه الله، وأجزل له الثواب! ذلك الكتاب الرفيع مادةً وتحليلا! فكنت أقرأ ما كتبه رحمه الله، وهو ينعى ما وصلت إليه المرأة المسلمة في البلاد العربية، من دركات الانحطاط الخلقي، مقارنا لها بالمرأة المسلمة في الهند والباكستان. قال رحمه الله في مقدمة الترجمة العربية:(إن حضارة أهل الغرب ومدنيتهم لم تتغلغل في بلادنا، ولم تؤثر في حياتنا؛ مثلما قد تغلغلت في بلاد العرب، وأثرت في حياتهم، في مدة لا تكاد تذكر بالنسبة لامتداد وطأة الاستعمار علينا، وخاصة أن النساء في بلدنا (...) قلما توجد واحدة من ألف امرأة تتبرج في الطرق والأسواق، وتتعرض للرجال، وجسدها مكشوف فوق كعبيها، أو يداها مكشوفتان إلى منكبيها!) (١).
قرأت هذا وتبسمت مرارة! فهذا مستوى العري الذي نعاه المودودي على المرأة العربية آنذاك، فكيف لو عاش لزماننا هذا؟ بأي لغة يمكنه وصف عري النساء والفتيات اليوم؟
وإنما الحاصل أن البلاد العربية عموما باعتبارها مجال التداول الاجتماعي لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأقرب إلى فهمهما من غيرها؛ كانت معاول الهدم عليها أشد!
إنني أدعو إلى حركة تصحيحية في مجال المرأة - كما في غيره من المجالات - حركة تنفي عنها تحريف الغَالِين، وانتحال المُبْطِلين، وتأويل الجاهلين! وترتقي بنموذج التدين في النساء المسلمات؛ إلى قمة الإنتاج الرفيع جودةً ووفرةً! على مستوى النفس وعلى مستوى الصورة؛ عسى أن يكون ذلك بدء ميلاد جديد، لجيل النصر القرآني، فقها وتدينا. ذلك