وليحفظ البطن وما حوى، وليذكر الموت والبِلَى! ومن أراد الآخرة ترك زينة الحياة الدنيا. فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء!) (١)
لقد قصدت بإيراد هذه النصوص أن أبين أن الحياء مقصد من أهم المقاصد الشرعية، التي تداني ما سطره العلماء في مقاصد الشريعة. وتَتَبُّعُ هذا المعنى بالمنهج الاستقرائي في النصوص الشرعية؛ يجعل منه كليا من أهم الكليات الخلقية في الإسلام.
ذلك ما يتعلق بالحياء مطلقا في الإسلام، أعني من حيث هو خُلُقٌ إسلامي عام في الرجال والنساء على السواء، وإن كان وجوده في المرأة أجلى وأبين وأجمل.
إلا أن المرأة في الشريعة الإسلامية اختصت منه بلطائف ومعان، ليست على الرجل، ضبطا وتشريعا. فكثيرة هي الأعمال التي أنيطت بالمرأة دون الرجل؛ رعيا لمقصد الحياء! فكل ما أوجب عليها التستر الجسمي أو الحركي أو الصوتي؛ فهو راجع إلى هذا المعنى.
فأما التستر الجسمي فهو ما فرض الله عليها من اللباس الإسلامي، في محكم القرآن العظيم، من قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا}(الأحزاب:٥٩)، وما فصلته السنة النبوية في ذلك، من جزئيات بيانية توضيحية، من مثل قوله صلى الله عليه وسلم: (ما من امرأة تخلع ثيابها في
(١) رواه أحمد والترمذي والحاكم والبيهقي عن ابن مسعود. وحسنه الألباني. انظر حديث رقم: ٩٣٥ في صحيح الجامع.