للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

غير بيتها إلا هتكت ما بينها وبين الله) (١). ومثله قوله صلى الله عليه وسلم: (أيما امرأة نزعت ثيابها في غير بيتها خرق الله عز وجل عنها ستره) (٢).

وأما التستر الحركي فهو ما فرضه الله عليها من الاتزان في المشي وفي الصلاة، وما حرمه عليها من التغنج في الشوارع، والأماكن التي يغشاها الرجال. قال تعالى: {وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ} (النور:٣١) ومنعها من إمامة الرجال في الصلاة؛ لما فيه من كشف لحركة جسمها ومفاتنه عند الركوع والسجود! ونحو ذلك في الشريعة كثير.

وأما التستر الصوتي فهو متعلق بتلحين أنغامها الصوتية خاصة، وما في معناه من تغنج صوتي، وليس متعلقا بمطلق الصوت طبعا! وذلك كمنعها من الأذان، وتجويد القرآن بمحضر الرجال الأجانب عنها. ومن باب أولى وأحرى منعها من الغناء للرجال، وتلحين الصوت عند الكلام العام؛ قصد التأثير الجنسي على الرجل من غير الزوج! وذلك كله إنما هو مقدمات الزنى. ويجمع هذه المعاني قول الله تعالى الصريح: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا} (الأجزاب:٣٢).

كل ذلك إنما كان رعيا لجمالية الحياء الأنثوية في المرأة، وحفظا لفطرتها النفسية ولطائفها الوجدانية، وحمايتها من التسيب الخلقي الذي هو باب كل شر!

وعليه؛ فقد كان التخفي في الإسلام مطلبا تعبديا للمرأة في كل شيء؛ حتى في صلاتها! وبهذا المنطق يجب فهم حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي جعل صلاتها في بيتها أفضل -في الأجر والمثوبة- من صلاتها في المسجد، على عكس ما


(١) رواه أبو داود والترمذي عن عائشة. وصححه الألباني. انظر حديث رقم: ٥٦٩٢ في صحيح الجامع.
(٢) رواه أحمد والطبراني والحاكم والبيهقي عن أم سلمة. وصححه الألباني. انظر حديث رقم: ٢٧٠٨ في صحيح الجامع.

<<  <   >  >>