للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا} (النساء:١١٧ - ١١٩).

ومن ذلك حديث أبي أمامة قال: (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على مشيخة من الأنصار بيض لحاهم فقال: "يا معشر الأنصار حمروا وصفروا وخالفوا أهل الكتاب! " قال: فقلنا: يا رسول الله! إن أهل الكتاب يتسرولون ولا يأتزرون؟ فقال رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم: "تسرولوا وائتزروا وخالفوا أهل الكتاب! " قلنا: يا رسول الله إن أهل الكتاب يَتَخَفَّفُونَ ولا ينتعلون! (١) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فتخففوا وانتعلوا وخالفوا أهل الكتاب! " فقلنا: يا رسول الله إن أهل الكتاب يقصون عَثَانِينَهُمْ (يعني: لحاهم) ويُوَفِّرُونَ سِبَالَهُمْ (يعني: شواربهم)! قال: فقال النبي صلى الله صلى الله عليه وسلم: "قصوا سبالكم ووفروا عثانينكم! وخالفوا أهل الكتاب!) (٢).

وبهذا القصد نهى الرجال عن إسبال الثوب، وإرخائه إلى ما تحت الكعبين من الأقدام؛ لما كان يدل عليه من خيلاء وكبر في عادات العرب، فقال صلى الله عليه وسلم: (ما أسفل الكعبين من الإزار ففي النار!) (٣). وقال صلى الله عليه وسلم مبينا علة ذلك: (من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة) (٤). ولنكتف بهذه الإشارات فيما يتعلق بسيمياء اللباس لدى الرجل؛ حتى لا نخرج عن غرض هذا الكتاب المتعلق بسيمياء المرأة على الخصوص. وإنما القصد أن نبين أن اللباس عموما في الإسلام، سواء منه ما تعلق بالرجال، أو ما تعلق بالنساء؛ له دلالة سيميائية


(١) تَخَفَّفَ: لبس الخُفَّ، وهو: جلد يلبس للقدمين كالجوارب.
(٢) رواه أحمد والطبراني وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: ورجال أحمد رجال الصحيح، خلا القاسم، وهو ثقة وفيه كلام لا يضر.
(٣) رواه البخاري
(٤) متفق عليه.

<<  <   >  >>