للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

من قميص فضفاض، أو جلباب مغربي فيه سعة، أو نحو ذلك مما يلف جسم المرأة ويكفيه إحاطةً وسترا.

صورة الحجاب الشرعي:

فتبين أن صورة لباس المرأة تعود إلى عبارتين محوريتين، من آيتين: الأولى عبارة (إدناء الجلباب) من قوله تعالى: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ} (الأحزاب:٥٩)، والثانية: (ضرب الخمار على الجيوب)، من قوله تعالى: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} (النور:٣١)، فيؤخذ من ذلك كله؛ عبارةً وأصالةً؛ أن أقل ما يجزئ المرأة من اللباس هو: ثوب وافٍ ضافٍ، ساتر فضفاض، لا يصف ولا يشف، يستوعب جميع البدن، في ثوب واحد. وهو معنى الجلباب كما تبين. فلا يجزئ عنه أشكال الموضة المستوردة من البنطلونات، والبذلات القصيرة، أو ذات الأجزاء؛ لأنها لا تفي بكمال الستر. وإنما يجزئ الجلباب المغربي الواسع، أو المشرقي، أو ما كان على شاكلته من أردية شاملة، كالقمصان، والعباءات النسوية الوافية، الساترة لجميع البدن بثوب واحد. ويقاس عليه أيضا كل معطف رومي أو عجمي، إذا جمع معاني الجلباب قصدا وغاية؛ من حيث استيعابه لجميع البدن طولا وعرضا، بشروطه الشرعية المذكورة (١). وذلك مقتضى الدلالة من آية الأحزاب في (إدناء الجلباب)؛ مراعاةً لقصد الشارع من كمال الستر.

ثم خمار للرأس، لكن بشرط أن يكون وافيا حتى تتمكن صاحبته من الضرب به على الجيوب. والجيوب هنا: هي ثنايا العنق من النحر، والقفا، والكتفين. وهو مقتضى عبارة الأمر الرباني العظيم: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} كما بيناه. ولها أن تدني الخمار على الجبين بدل إدناء الجلباب، إذا


(١) قد سبق إقرار النبي صلى الله عليه وسلم زوجة أسامة بن زيد في لبس (القبطية)، وهي من أردية العجم من أهل مصر آنئذ، أي قبل إسلامهم وتعربهم. وإنما قال له صلى الله عليه وسلم: (مُرْهَا فلتجعل تحتها غلالة؛ فإني أخاف أن تصف حجم عظامها!) وقد سبق تخريجه مفصلا.

<<  <   >  >>