كان الجلباب مما لا يلبس على الرأس مثل الجلباب المغربي، فهنا لابد من إدناء الخمار ضرورة! حتى يستوعب مقدمة الجبين ثم ترخيه على كتفيها وصدرها ونحرها، ثم تشده على ما هنالك؛ لتمتثل الضرب على الجيوب؛ استجابة لأمر الله جل وعلا. ولكن لا تعقده على رأسها من جهة القفا؛ بما يظهر هيأة الشعر وحجمه، كما يفعله بعض الجاهلات من المتحجبات! ولا تضفر طرفيه على جبينها بصورة الضفيرة من الشعر؛ بما يلفت الأنظار. وإنما تستجيب لله، بقصدها إلى الستر والحياء؛ عبادةً لله الواحد القهار، إن كانت من الصادقات حقا!
وبعد ذلك تلتزم شروط الستر الأخرى في لباسها، من عدم إظهار الزينة؛ استجابة لما ذكرنا من أمر الله تعالى في سورة النور:{وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ}، وقوله سبحانه:{وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ}؛ فلا يكون اللباس -لذلك- زينة في نفسه بألوانه وزخرفته، أو بما تظهر صاحبته عليه من الحلي. ذلك مجمل لباس المرأة في صورتها القرآنية، وسيمائها الإيمانية. وإنما الموفقة من وفقها الله.
وتفصيل ذلك بأدلته هو كما يلي:
فقوله تعالى من آية الأحزاب:(يدنين)؛ الإدناء: التقريب، وهو تقريب الإزار من العينين، حتى يغطي أغلب الجبين. وهو أصح تفسير ثبت سندا عن ابن عباس رضي الله عنهما. قال:(تدني الجلباب إلى وجهها ولا تضرب به)(١). ومعنى قوله:{ولا تضرب به} أي لا تغطي به وجهها؛ لأن الضرب بالثوب على الشيء تغطيته به. وإنما المطلوب هو (الإدناء) بنص القرآن. والإدناء: تقريب الثوب من الوجه، أي إرخاؤه على الجبين، وشده على حدود الحاجبين، كما صحت بذلك النصوص، على ما سترى قريبا بحول الله.
(١) قال الألباني: أخرجه أبو داود في مسائله بسند صحيح جدا كما في الرد المفحم:٥١.