فإسدال النقاب على الوجه فضيلة، لا ينكرها إلا جاحد، أو غَالٍ. فإذا علمنا مما سبق أن التخفي مقصد من مقاصد التشريع، في أحاكم اللباس النسوي في الإسلام؛ علمنا أن النقاب -وهو أحوط للتخفي- زيادة في الخير، ومنزلة في الفضل، تتقرب به الصالحات إلى الله تعالى. ولكنه مع ذلك ليس فريضة. والقول بفرضيته أيضا غلو في الدين!
ولقد عُلِمَ عند أهل العلم بالشريعة وصناعة أصول الفقه؛ أن من الابتداع الخفي في الدين -الذي قد يخفى على بعض طلبة العلم- تحريف الحكم الشرعي، ونقله من رتبة الندب إلى الوجوب! أو من الجواز إلى الكراهة، أو من الكراهة إلى التحريم! قال الله جل وعلا:{وَلاَ تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ}(النحل:١١٦). اللهم إلا إذا كان ذلك صادرا عمن له أهلية الاجتهاد، وكان قد بلغ غاية الوسع في الاستدلال متجردا عن الأهواء المذهبية والعرفية؛ فقد صحت النصوص باغتفار خطئه.
وقد تشدد قوم وخالفوا الكتاب والسنة الصحيحة، وأقوال الصحابة، وفتاوى العلماء أرباب المذاهب وغيرهم. عندما قالوا بوجوب تغطية الوجه والكفين!
والقول بوجوب تغطية الوجه ينقضه ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله لأسماء بنت أبي بكر في الحديث الصحيح المذكور قبل:(يا أسماء! إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح لها أن يرى منها إلا هذا وهذا! وأشار إلى وجهه وكفيه). وهو نص -بتعبير الأصوليين- في المسألة.
وينقضه أيضا تواتر كشف الوجه عند الصحابيات في زمانه صلى الله عليه وسلم. والتواتر يفيد القطع بما هو حاصل فيه! وقد ذكر ذلك العلامة الألباني في الرد