للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ونضيف كذلك الحديث الذي رواه مسلم عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ. قَالَ: شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الصّلاَةَ يَوْمَ الْعِيدِ. فَبَدَأَ بِالصّلاَةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ. بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلاَ إِقَامَةٍ. ثُمّ قَامَ مُتَوَكّئاً عَلَىَ بِلاَلٍ. فَأَمَرَ بِتَقْوَى اللهِ. وَحَثّ عَلَىَ طَاعَتِهِ. وَوَعَظَ النّاسَ. وَذَكّرَهُمْ. ثُمّ مَضَىَ. حَتّىَ أَتَى النّسَاءَ. فَوَعَظَهُنّ وَذَكّرَهُنّ. فَقَالَ: «تَصَدّقْنَ. فَإِنّ أَكْثَرَكُنّ حَطَبُ جَهَنّمَ!» فَقَامَتِ امْرَأَةٌ مِنْ سِطَةِ النّسَاءِ سَفْعَاءُ الْخَدّيْنِ. فَقَالَتْ: لِمَ؟ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: «لأَنّكُنّ تُكْثِرْنَ الشّكَاةَ، وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ» قَالَ: فَجَعَلْنَ يَتَصَدّقْنَ مِنْ حُلِيّهِنّ. يُلْقِينَ فِي ثَوْبِ بِلاَلٍ مِنْ أَقْرِطَتِهِنّ وَخَوَاتِمِهِنّ) (١) ففيه أن المرأة كانت عارية الوجه، فقد وصف جابر رضي الله عنه خديها. ومعنى (سفعاء الخدين): أي بهما سواد مشرب بحمرة كما في اللسان (٢).

ونحو ذلك من الأحاديث كثير حتى قال الألباني: (قد جاءت أحاديث كثيرة في كشف النساء لوجوههن وأيديهن (...) يبلغ مجموعها التواتر المعنوي عند أهل العلم، فلا جرم عمل بها جمهور العلماء) (٣).

ولو كان الوجه عورة لوجب أن يبينه النبي صلى الله عليه وسلم، ويأمر به اللواتي كشفن عن وجوههن في عهده صلى الله عليه وسلم؛ والقاعدة الأصولية أنه (لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة).

وههنا عندنا قاعدة أصولية هامة تقطع بحول الله الخلاف، وهي أن (ما تعم به البلوى لا يجوز خفاء حكمه)، بل الأصل فيه ألا ينقل حكمه إلا متواترا، بله نقله بأخبار الآحاد الصحيحة! وعموم البلوى بوجه المرأة معناه أنه مما ينتشر حضوره في المجتمع البشري في كل وقت وحين، وفي كل مجال، من البيت إلى المسجد إلى السوق؛ فلا يعقل ألا يصدر في حقه حكم شرعي


(١) رواه مسلم
(٢) اللسان: (مادة: سفع).
(٣) الرد المفحم: ٤١.

<<  <   >  >>