للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الظروف أن يتعاملن معهم، كما كن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، كالقيام على خدمة الضيوف، وإطعامهم، والخروج في الغزو، يسقين العطشى، ويداوين الجرحى، وينقلن القتلى، وربما باشرن القتال بأنفسهن عند الضرورة!) (١)

وقال رحمه الله في أول خاتمته لكتاب (الرد المفحم) كلمة ثمينة نقتطف منها ما يلي: (هذا ولا بد لي في هذه الخاتمة من لفت النظر إلى أن التشدد في الدين شر لا خير فيه! وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد قال: "الخير لا يأتي إلا بالخير" (٢). فكذلك الشدة شر، لا تأتي إلا بالشر! ولذلك تكاثرت الأحاديث، وتنوعت عباراتها في التحذير منها) (٣). وإنما المقصود بالشدة هنا هو نقل حكم النقاب من الندب إلى الوجوب! ومن الاستحباب إلى اللزوم! وهو واضح في صيغة عنوان الكتاب المذكور حيث جعل تمامه كما يلي: (الرد المفحم على من خالف العلماء، وتشدد وتعصب، وألزم المرأة أن تستر وجهها وكفيها وأوجب، ولم يقنع بقولهم: إنه سنة ومستحب).

وذكر رحمه الله أحاديث في النهي عن التشدد والتشديد، نذكر منها قوله صلى الله عليه وسلم: (إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه فسددوا! وقاربوا!) (٤). وقوله صلى الله عليه وسلم: (إياكم والغلو في الدين! فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين) (٥). وغيرهما في هذا المعنى كثير. وإنما الموفق من وفقه الله.

إلا أنه لابد من البيان أن تغطية الوجه أمر مشروع محبوب في الشريعة؛ لأنه أكمل سترا، وأبلغ ورعا. وإنما بحثنا السالف قائم على دحض القول بالوجوب فيه ليس إلا! وفرق بين القول بالوجوب وبين القول بالجواز، أو


(١) الرد المفحم: ١٤٩.
(٢) متفق عليه
(٣) الرد المفحم: ١٤٦
(٤) رواه البخاري
(٥) رواه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم والضياء وغيرهم. وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة.

<<  <   >  >>