توسطه بين حالين كالمثال المذكور. فنحو مبتدأ ومستجاز خبره وزيد مبتدأ خبره أنفع وفى أنفع ضمير مستتر عائد على زيد ومفردا حال من ذلك الضمير ومن عمرو متعلق بأنفع ومعانا حال من عمرو والعامل فيهما أنفع وأصله زيد أنفع فى حال كونه منفردا من عمرو فى حال كونه معانا. وإنما كان أنفع عاملا فى الحالين لأن صاحب الحال وهو الضمير المستتر والمجرور بمن معمولان له والعامل فى الحال هو العامل فى صاحبها، وقوله لن يهن أى لم يضعف وهو خبر بعد خبر. ثم قال:
والحال قد يجئ ذا تعدّد ... لمفرد فاعلم وغير مفرد
يعنى أن الحال قد يجئ متعددا أى متكررا والمراد بالمفرد غير المتكرر وغير المفرد المتكرر فمثال المفرد جاء زيد راكبا ومثال غير المفرد جاء زيد راكبا ضاحكا فالحال قد تعددت مع اتحاد صاحبها. وشمل قوله وغير مفرد ثلاث صور: الأولى أن يكون صاحب الحال متعددا والحال مجتمعة نحو وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ [إبراهيم: ٣٣] الثانية أن يكون بتفريق مع إيلاء كل منهما صاحبه نحو لقيت مصعدا زيدا منحدرا. الثالثة أن يكون بتفريق مع عدم إيلاء كل واحد منهما صاحبه نحو لقيت زيدا مصعدا منحدرا والاختيار فى نحو هذا مع عدم القرينة جعل الأولى للثانية والثانية للأولى فمصعدا فى المثال حال من زيد ومنحدرا حال من التاء فى لقيت. والحال مبتدأ وخبره قد يجئ إلخ، والظاهر فى قد أنها للتحقيق لا للتقليل ولمفرد متعلق بيجئ. ثم اعلم أن الحال على قسمين مبينة وقد تقدمت ومؤكدة وهى قسمان مؤكدة لعاملها ومؤكدة لمضمون الجملة وقد أشار إلى الأول بقوله:
وعامل الحال بها قد أكّدا
يعنى أن العامل فى الحال قد يؤكد بها فتكون الحال على هذا مؤكدة لعاملها وذلك على قسمين: الأول أن تكون من
لفظ عاملها كقوله عز وجل: وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا [النساء:
٧٩] الثانى أن تكون موافقة لعاملها معنى لا لفظا كقوله تعالى: وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ [البقرة: ٦٠] لأن العثو هو الفساد ولهذا المثال أشار بقوله:
فى نحو لا تعث فى الأرض مفسدا
فمفسدا حال من الفاعل بتعث المستتر والعامل فيه تعث وهو موافق له فى معناه دون لفظه. ثم أشار إلى القسم الثانى من الحال المؤكدة بقوله: