وأعربوا نصبا إذا ما نكّرا ... قبلا وما من بعده قد ذكرا
هذا تصريح بما فهم من قوله ناويا ما عدما فإنه إن لم ينو لم يبن على الضم فلم يبق إلا الإعراب وهو الأصل إلا أن قوله نصبا يوهم أنه لا يعرب حال قطعه عن الإضافة إلا بالنصب وليس كذلك بل يعرب بالنصب إن كان ظرفا كقوله:
وبالجر إذا دخل عليه حرف الجر نحو قوله عز وجل: لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ [الروم: ٤] فى قراءة من جر ونون
وكأنه استغنى عن ذكر الجر لشمول المفهوم الأول له وخص النصب بالذكر لكثرته. والحاصل أن قبلا وما بعدها لها أربعة أحوال تصريح بالمضاف إليه ونيته معنى ولفظا وعدمه لفظا ومعنى وهى فى هذه الأحوال الثلاثة معربة وعدم ذكر المضاف إليه ونيته معنى لا لفظا وهى فى هذه الحالة مبنية على الضم وإنما بنيت فى هذه الصورة لأن لها شبها بالحرف لتوغلها فى الإبهام فإذا انضم إلى ذلك تضمن معنى الإضافة ومخالفة النظائر بتعريفها بمعنى ما هى مقطوعة عنه كمل بذلك شبه الحرف فاستحقت البناء وبنيت على الضم لأنه أقوى الحركات تنبيها على عروض شبه البناء. وقبل مبتدأ وخبره كغير ويجوز ضبط غير وقبل بالضم من غير تنوين وبالتنوين والرفع وهو الأصل لأنها أسماء ليس فيها ما يوجب البناء ووجه الضم أنه ذكرها على الحالة التى تكون عليها فى حال قطعها عن الإضافة وأما بعد ودون وما بينهما فيتعين فيها الضم من غير تنوين إذ لا يستقيم الوزن إلا به ووجهه ما تقدم فى قبل وغير وهى معطوف على قبل والجهات وعلى كذلك والواو فى أعربوا تعود على العرب ونصبا مصدر فى موضع الحال أى ناصبين ويجوز أن يكون منصوبا على حذف الجار أى بنصب وقبلا مفعولا بأعربوا ولا يجوز فيه الضم كما جاز فيما قبل إذ لا وجه فيه للضم وما موصولة معطوفة على قبل وصلتها قد ذكرا ومن متعلق بذكر وغير داخل فيما بعد قبل لأنه قال قبل كغير ونطق بعل مبنيا على الضم ووجهه ما تقدم فى بعد ودون. ثم قال:
(١١٧) البيت من الوافر، وهو ليزيد بن الصعق فى خزانة الأدب ١/ ٤٢٦، ٤٢٩، ولسان العرب ١٢/ ١٥٤ (حمم)، ولعبد الله بن يعرب فى الدرر ٣/ ١١٢، والمقاصد النحوية ٣/ ٤٣٥، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ٣/ ١٥٦، وتذكرة النحاة ص ٥٢٧، وخزانة الأدب ٦/ ٥٠٥، ٥١٠، وشرح الأشمونى ٢/ ٣٢٢، وشرح التصريح ٢/ ٥٠، وشرح ابن عقيل ص ٣٩٧، وشرح قطر الندى ص ٢١، وشرح المفصل ٤/ ٨٨، وهمع الهوامع ١/ ٢١٠، ويروى «الفرات» و «الحميم» مكان «الزلال».