للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بدرُ الشريعة والطريقةِ والهُدَى ... شمسُ الحقيقة: أحمدُ البربيرُ

بحرُ المعارف ما له من ساحلٍ ... منه استمدَّتْ في الأنامِ بحورُ

ربُّ الفَطَانَةِ والفُهومِ مع الذكا ... في طَوعه التحقيقُ والتحريرُ

عنه الحديثُ سماعُهُ قد ينبغي ... والفقهُ، والتوحيدُ، والتفسيرُ

وكذا الأصولُ، وكلُّ فنٍّ ينتمي ... للنقل أو للعقل، وهو شهيرُ

كم قلبِ علمٍ سرَّهُ تأليفُ ... وأقرَّ منه طرفه تقريرُ

مولَى القوافي قد تملَّكَ أمرَها ... فأطاعه المنظومُ والمنثورُ

فيها تصرَّفَ كيف شاءَ، وصاغَها ... صَوْغًا على الِإتقان ظَلّ يدورُ

مِن كلِّ معنىً ليس مسبوقًا له، ... كلاّ، ولا بسواه فيه شعورُ

مِن كلِّ مختَرَعٍ يسيلُ بلاغةً ... ويكاد في سحر البيان يطيرُ

ما البحتريُّ لديهِ؟ ما سَحبانُ؟ ما ... نحو الفرزدقِ عندَهُ وجريرُ

فيه أُصِبنا، والمصائبُ جَمَّةٌ، ... منها العظيمُ، كموتِهِ، وحقيرُ

لا بِدْعَ إنْ ذهبَ الكِرامُ فإنما ... عُمرُ الكرامِ من الأنام قصيرُ

يا ليت أعمارَ الكِرامِ مديدةٌ، ... ويكونُ فيها الطولُ والتأخيرُ

يا ويحَ بيروتٍ وقلَّةَ حظِّها، ... هيهاتَ منها مثلُهُ ونظيرُ

لكنْ لها فخرٌ به لا ينتهي ... يفنَى الزمانُ وما له تغييرُ

أرواحُنا، لو كان فيها يُفتَدى، ... جُدْنا بها، وبها الفِداءُ يسيرُ

لكنْ فناءُ الخَلْقِ حُكمٌ نافذٌ ... لم ينجُ منه كبيرُنا وصغيرُ

ما كان في الدنيا خلودٌ لامرئٍ ... ظَنُّ الخلودِ جَهالةٌ وغرورُ

لو كان فيها لم يمتْ فيها امرؤٌ ... بل لم يكن للأنبياءِ قبورُ

فالله يلهمُنا الرضاءَ بحكمِهِ ... والصبرَ عند الرُّزْءِ، فهو قديرُ

والحكم لله العليِّ وإنما ... خيرُ المصابِ مُسَلِّمٌ وصبورُ

<<  <   >  >>