للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وشريح كان قاضيًا زمن سيدنا عمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم وزاحم الصحابة في الفتوى وإن كان من كبار التابعين، وهو شريح بن الحارث الكِندي أقام في الكوفة قاضيًا خمسًا وسبعين سنة وتوفي سنة سبع وثمانين من الهجرة (١)، كما ذكر ابن خَلِّكَان في تاريخه وأطال في ترجمته (٢).

وقال العلاَّمة شمس الدين محمَّد ابن قيِّم الجوزية في كتابه "إعلام الموقعين" ما نصُّه (٣): لا خلاف بين المسلمين أنَّ شهادة الزور من الكبائر ... ، ثم ذَكَر أحاديث تقدَّمت إلى أن قال: وفي المسند من حديث عبد الله بن مسعود (٤) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "بين يدي الساعة تسليم

الخاصَّة، وفشوَّ التجارة حتى تُعين المرأة زوجها على التجارة، وقطع الأرحام، وشهادة الزور، وكتمان شهادة الحق".

وقال الحسن بن زياد اللؤلؤي: حدثنا أبو حنيفة قال: كُنَّا عند مُحارب بن دثار فتقدم إليه رجلان فادَّعى أحدهما على الَآخر مالًا فجحده المدَّعى عليه، فسأله البيِّنة فجاء رجل فشهد عليه، فقال المشهود عليه: لا والله الذي لا إلله إلاَّ هو ما شهد عليَّ بحقٍّ، وما علمته إلاَّ رجلًا صالحًا غير هذه الزلَّة، فإنَّه فعل هذا لِحقد كان في قلبه عليَّ.

وكان محارب متكئًا فاستوى جالساً ثم قال: يا ذا الرجل سمعتُ ابن


(١) وهو ابن مائة وعشرين سنة، رحمه الله تعالى.
(٢) وفَيَّات الأعيان ٢/ ٤٦٠ - ٤٦٣.
(٣) ١/ ١٢٤، طبعة دار الكتاب العربي - بيروت.
(٤) المسند ١/ ٤٠٧، وزاد في آخره: "وظهور القلم".

<<  <   >  >>