وكذلك المسافرون يخلطون أزوادهم، ويتعاهدون، وإن كانوا يتفاوتون في الأكل.
وهل يجوز للولي أن يأخذ من مال الصبي نفقته إذا كان اشتغاله بالقيام عليه يمنعه من كسبه؟
نظر: إن كان غنياً فلا، وإن كان فقيراً يجوز؛ لقوله تعالى:{وَمَنْ كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيراً فَلْيَاكُلْ بِالْمَعْرُوفِ}[النساء: ٦].
ثم الفقير إذا أخذ نفقته هل يلزمه الضمان؟
فيه قولان:
أحدهما: لا، وهو قول الحسن وعطاء؛ لأن الله - تعالى- أباح له الأكل من غير شرط ضمان؛ كالإمام يأخذ الرزق من بيت المال.
والثاني: يلزمه الضمان؛ وهو قول مجاهد، وسعيد بن جبير؛ كالمفطر يباح له أكل طعام الغير، ويلزمه الضمان.
فصلٌ: في تصرفات الصبي
لا يصح شيء من تصرفات الصبي؛ لا في حق نفسه، ولا في حق غيره؛ سواء أذن له الولي فيه، أو لم يأذن.
وقال أبو حنيفة - رحمه الله-: ينفذ تصرفه بإذن الولي إذا كان يعقل؛ حتى قال: لو باع ماله بالبخس بإذن الولي، يجوز، وإن لم يجز للولي ذلك.
قلنا: امتناع تصرفه لعدم البلوغ، وهو باقٍ؛ فنقول: ما ينتقل إلى الصغير بعد البلوغ في حكم ماله، لا ينتقل إليه في الصغر؛ قياساً على حفظ المال.
ولا يصح تدبير الصبي ووصيته؛ كسائر تصرفاته؛ على القول الأصح؛ وبه قال أبو حنيفة.
وفيه قول آخر: إنه يصح تدبيره ووصيته، إذا كان يعقل؛ وبه قال مالك؛ لأن له فيه نظراً بعد الموت؛ فلا ضرر عليه في الحال؛ لأن ملكه لا يزول.
ولو اشترى صبي شيئاً، أو استدان؛ فتلف في يده، أو أتلفه - لا شيء عليه في الحال، ولا بعد البلوغ. وإن كان قد أدى الثمن، فلوليه أن يسترده.
وهذا بخلاف العبد، إذا استقرض شيئاً، أو اشترى بغير إذن المولى؛ فتلف في يده،