وإن كانت جاريةٌ, فجنى عليها, فألقت جنينا حيًا, ومات- ماذا يَجِبُ على الجانى؟ فيه قولان:
أحدهما وهو الأصحُّ: قيمة الجنين حيًّا, وأرش نقص [ما] دخل الأم, ثم قيمة الجنين للراهن وأرش النُّقصانِ.
والثانى: عليه أكثرُ الأمرين من أرْش النقصان, أو قيمة الجنين؛ فعلى هذا إن كان أرشُ النُّقصانِ أكثر يكون رَهْنًا, ولا يجوز عفوُ الراهن عنه.
وإن كانت قيمةُ الجنين أكثر, فبقدر أرْشٍ يكون رَهنًا. ولو جنى على العبدِ المرهونِ, ولم يُعرف الجانى, فأقر رَجُلٌ أنه هو الجانى, فإن صَدَّقَةُ الراهنُ دون المرتهن- فالأرش للراهن, ولا حَقَّ للمرتهن فيه.
وإن صدقَة المرتهنُ دون الرَّاهن- كان الأرشُ مرهونًا, فإن لم يَقْضِ الراهنُ دينه صُرِف الأرشُ إلى دينه, وإن قضى الدين, أو أبرأه المرتهن- ردالأرش إلى المقرِّ.
قال الشيخ وهو صاحب الكتاب: قد ذكر الشافعى - رضى الله عنه -: أن الخَصْمَ فيما جَنَى على العَبْدِ, سيدُه.
وذكر أصحابنا: أن السَّيد إذا لم يخاصم المرتهنُ على الأصحِّ.
وقال الشيخ القفال ورأيته بِخَطِّ شيخى فيما سأل عنه: أنه لو ادعى على رجل أن هذه العين التى فى يدك ملكُ فلان رهنها منِّى المرهون, فهلك فى يدك, فيلزمك قيمته, كما تُسمع الدَّعوى على المالِك.
قلت: القياس عندى أن تسمع الدَّعوى, وبعد تلفها تُسْمَعُ دَعْوى القيمة, وفى الإجازة [لا] تسمع دعوى القيمة بعد تَلَف العَيْنِ؛ لأنه لا حَقَّ للمستأجر فى القيمة.
وكذلك كُلُّ موضع تعلَّق له حَقٌّ بعين, فتسمع دعواه على صاحِبِ العين؛ كما يدعى على المالك, بخلاف ما لو ثبت له دَيْنٌ فى ذمَّةِ إنسان, فلا دعوى له على غريمه؛ لأنه لم يتعلق حَقُّه بعينٍ من أعيانِ مال الغْرِيمِ.
فإن مات من عليه الدَّينُ والتركة, فى يد إنسان, وحَجَر عليه القاضى, وماله فى يد غيره- فله أن يدعى عليه. والله أعلم.