فَصْلٌ: تَغَيُّرُ المرْهونِ فى يَدِ المُرْتَهِنِ
إذا رَهَنَ عصيرًا حلوًا وسلّم, فصار خلًّا فى يد المرتهن- فهو رهْنٌ, وإن صار خمرًا بَطل الرهنُ؛ لأنه لا يمكنُ استيفاءُ الحقِّ من ثمنها؛ كالحيوان يموت, ولا خيارَ للمرتهن؛ لأنه حدث فى يده.
فلو عاد خلّا بعده, يعودُ الرهنُ كما يعود الملكُ, ولو رهنه شاة, فماتت فى يد المرتهن, ثم دبغ جلدها, هل يَعُودُ الرهنُ فى الجلد؟ فيه وجهان:
قال ابن خيران: يعودُ, كالخمر يَتَخَلَّلُ.
وقال أبو إسحاق: لا يعود؛ لأنه صار مالًا بمعالجته وصنعته, بخلاف الخمر يَتَخَلَّلُ.
ولو صار العصيرُ خمرًا قبل التسليم, ثم عاد خلّا- هل يعودُ الرهنُ؟
ذكر القاضى الإمام - رحمه الله - وَجْهين:
أحدهما: بلى؛ كما لو تَخَلَّل فى يَدِ المرتهنِ.
والثانى: لا؛ لأنه بطل قبل تمامه, وللمرتهن الخيارُ فى فَسْخِ البيع المشروط فيه, سواء قلنا: يعودُ الرهنُ, او لا يعود؛ لأن الخلَّ يكونُ أنقصُ من العصير.
والرهن إذا انتقص قبل القبض يثبت للمشترى الخيار, ولو كان الرهنُ مشروطًا فى البيع, فاختلفا, فقال المرتهنُ: أقبضتنى خَمْرًا على الخيار.
وقال الراهن: بل أقْبَضْتُكَ عصيرًا, أو تخمر عندك, ولا خيار لك- نظر: إن اتفقا على أنه كان عصيرًا يوم العَقْدِ- فالقولُ قولُ من يكون؟
فيه قولان:
أصحهما: القولُ قولُ الراهن مع يمينه؛ لأن المرتهن يَرُوم فسخ العقد, والأصلُ بَقاؤُه؛ كما لو وجد بالرهن عَيبًا, فقال: كان موجودًا يوم العقد ويوم التسليم قبل الفسخ, [فلى الفسخ] , وقال الراهن: بل حَدَثَ عندك, فالقولُ قولُ الراهن مع يمينه.
والقول الثانى: قولُ المرتهن مع يمينه, بخلاف العيب؛ لأنه لا يمنع صِحَّة العقدِ والقبض.
وكونه خمرًا يمنع صِحة العقد والقبض, والمرتهن ينكر أن يكُون قبض مالًا, والأصلُ عدمُ القبض. فإن قلنا: القولُ قولُ الراهن, فإذا حَلَف لا خيار للمرتهن. وإذا قلنا: القولُ قولُ المرتهن, فإذا حلف له فَسْخُ البيع. وإن اختلفا فى حالة العقد, فقال المرتهن: كان