هلاك الرهن، يقبل قوله مع يمينه، سواء خفي هلاكه أو ظهر.
وعند مالك: إذا خفي هلاكه لا يقبل. ولو ادعى رده هل يقبل؟
فيه وجهان:
أحدهما: يقبل؛ لأنه أمين كالمودع.
والثاني: لا يقبل؛ لأنه كان يمسكه لمنفعة نفسه؛ بل القول قول الراهن مع يمينه، والله أعلم.
فصلٌ
إذا رهن عبد الغير بدين نفسه بإذن المالك- يجوز، بخلاف ما لو باع مال الغير لنفسه لا يجوز؛ لأن البيع إزالة الملك بعوض؛ فلا يجوز أن يملك هو الثمن، والمثمن ليس له.
أما الرهن فاستيثاق، والاستيثاق يحصل بما لا يملك؛ كما يحصل بالكفالة وبالإشهاد، فإذا رهن مال الغير بدينه، يسلك به مسلك العارية، أو مسلك الضمان؟
فيه قولان:
أحدهما: مسلك العارية؛ لأنه نوع انتفاع بمال الغير.
والثاني وهو الأصح: يسلك به مسلك الضمان؛ لأنه ضمن دين الغير في رقبة عبده، وذمته فارغة؛ كما لو أذن لعبده في ضمان دين ففعل- صح، وليس كالعارية، لأن منفعة العارية تكون للمستعير، وههنا منفعة الرهن تكون للمالك لا لمن رهنه.
وهل يجب بيان ما يرهنه به؟
إن قلنا: عارية، لا يجب؛ لأن جهة الانتفاع معلومة، وإن قلنا: ضمان، يجب أن يبين الجنس والقدرُ المرهون منه والأجل. وعلى القولين، لو بين لا يجوز أن يتجاوزه، فإن قال: ارهن بعشرة- لا يجوز أن يرهن بأكثر.
فإن رهن بأقل جاز، ولو قال: ارهن بدراهم- لا يجوز أن يرهن بدنانير، وقال: بدنانير- لا يجوز أن يرهن بدراهم.
ولو قال: ارهن من فلان- لا يجوز أن يرهن من غيره.
ولو قال: بدين حال- لا يجوز [بدين مؤجل]؛ لأنه لا يمكنه مطالبته بفكه في الحال، ولو قال: بمؤجل- لا يجوز أن يرهن بحال؛ لأنه يباع في الدَّين في الحال.