قلت: ولو استعار ليرهن من واحد، فرهن من اثنين- لا يجوز؛ لأنه رهنه من غير من أمره.
ولو استعاره ليرهن من اثنين، فرهن من واحد- لا يجوز؛ لأنه إذا رهن من اثنين يفتكُّ نصفه بأداء نصف الحق، وإذا رهن من واحد لا يفتك شيء منه إلا بأداء جميع الحق.
ولو استعار عبداً من رجلين، فرهنه من واحد- جاز. فإذا قضى نصف الحق عن نصيب أحدهما بعينه، هل يفتك بنصيبه؟ فيه قولان:
أحدهما: لا يفتك؛ كما لو كان العبد لواحد، ورهنه من واحد، فأدى نصف الحق- لا يفتك شيء من الرهن.
والثاني: يفتك؛ كما لو رهن رجلان من رجل، فأدى أحدهما نصيبه- يفتك نصفه. فإن قلنا: يفتك، فهل للمرتهن الخيار في فسخ البيع، إن كان الرهن مشروطاً فيه، وكان جاهلاً به؟
فيه قولان، لابن سريج:
أحدهما: لا خيار له؛ لأنه لا ضرر عليه.
والثاني: له الخيار؛ لأن قضية الرهن ألا يفتك شيء منه إلا بعد أداء جميع الحق، وها هنا لم يحصل له مقتضاه.
وإذا رهن عبد الغير بدينه، فإن قلنا: عارية- للسيد أن يطالب بفكاكه، ويسترده متى شاء، حل الدين أو لم يحُل ثم إن كان الرهن مشروطاً في البيع- يجوز للمرتهن فسخ البيع إن كان جاهلاً بالحال.
وإن قلنا: ضمان، ليس للمالك أن يسترده، بل إن كان الدين حالاً يطالب الراهن بفكه، وإن كان مؤجلاً فلا مطالبة له حتى يحلَّ الأجل، كمن ضمن ديناً مؤجلاً، ليس له مطالبة المضمون عنه بتعجيله حتى تبرأ ذمته.
فإذا حل الأجل فأراد المرتهن إنظار الراهن- فللمالك أن يقول: إما أن تطالبه بحقك حتى يفتك الرهن، أو ترد إلي مالي، كما في الضمان، إذا مات المضمون عنه، حل الدين عليه، ولا يحل على الضامن.
ثم إن لم يطلب ربُّ الدين حقه من التركة- للضامن أن يقول له: إما أن تطلب حقك من التركة، أو تبرئ ذمتي؛ لأني أخاف فوات التركة عند المحل، ولو بيع الرهن في الدين، رجع المالك على الراهن بقيمته على القولين جميعاً، ولو بيع بأكثر من قيمته، فإن قلنا، عارية، ليس للمالك إلا قيمته، والباقي للراهن.