ولا ضمان، أو أحدهما ثمن مبيع محبوس لاستيفائها، أو أحدهما حالة والأخرى مؤجَّلة، فأدى من عليه إحدى الألفين- نظر: إن دفع عن التي بها الرهن، أو الضمين، أو ثمن المبيع- افتكَّ الرهن، وبرئ الضمين، وخرج المبيع عن الحبس.
وإن دفع عن الأخرى فلا يفتكُّ ولا يبرأ. فإن دفع عنهما وقع النصف عن هذا، والنصف عن ذاك.
وإن اختلف الدينان، أحدهما بألف والآخر خمسمائة، يقع أثلاثاً. وإن دفع مطلقاً، فوجهان:
أحدهما: يقع عنهما.
والثاني: قاله أبو إسحاق: للدافع أن يصرفه إلى أيهما شاء.
فلو اختلفا، فقال الدافع: دفعت عن الذي به الرهن والضمين. وعن ثمن المبيع المحبوس، وقال القابض: بل عن الآخر- فالقول قول الدافع مع يمينه، والاعتبار ببينة الدافع لا بينة القابض. ولو أبرأ رب الدَّين عن أحد الدينين، ثم اختلفا، فقال المدينون: أبرأت عن الذي به الرهن أو الكفيل، وقال رب الدين: عن الآخر- فالقول قول رب الدين مع يمينه.
ولو كان له عبدٌ فجاء رجلان، فادعى كل واحد منهما أنك رهنت مني جميع هذا العبد، وأقبضتني؛ فإن كذبهما- فالقول قوله مع يمينه يحلفُ يمينين. وإن صدق أحدهما يسلم إلى المصدق، وهل للآخر تحليفه؟ فيه قولان:
أصحهما: لا يحلفه؛ لأن اليمين لطلب الإقرار، وهو لو أقرَّ للثاني بعدما أقر للأول- لا يقبل إقراره.
والثاني: له تحليفه، بناء على ما لو قال: غصبت هذا من فلان، لا بل من فلان آخر، يسلم إلى الأول، وهل يغرم قيمته للثاني؟
فيه قولان:
إن قلنا: يغرم قيمته للثاني، فههنا للثاني تحليفه، فإن نكل حلف المكذِّب، وعلى المالك أن يرهن قيمته مكانه.
وإن قلنا هناك: لا يغرم للثاني شيئاً، فههنا: هل له تحليفه أم لا؟ هذا يبني على أن النكول وردَّ اليمين بمنزلة الإقرار، أم بمنزلة البيِّنة. إن قلنا: بمنزلة الإقرار، ليس له تحليفه، وإن قلنا: بمنزلة البينة، له تحليفه، فإن نكل حلف المكذب، وعلى المالك أن يرهن قيمته.
وقيل: إن قلنا: كالبينة، يسلم العين إلى الثاني، وليس بصحيح؛ لأن النكول ورد