اليمين بمنزلة البينة في حق المتداعيين لا في حق ثالث، وههنا تعلق به حق الأول.
وإن صدقهما جميعاً، نظر: إن لم يدَّعيا السبق أو ادعيا. وقال المدعى عليه: لا أعلم السابق منهما- ففيه وجهان:
أحدهما: الرهن باطل في حقهما؛ كالنكاحين إذا تعارضا؛ لأنه لا يجوز أن يكون كل العبد مرهوناً عند كل واحد منهما.
والثاني: يرهن من كل واحد نصفه؛ لأنه يقبل التشريك، بخلاف النكاح. فإن صدق أحدهما في السبق فهو له، والاعتبار بالقبض، حتى لو صدّق أحدهما بسبق العقد، وصدّق الآخر بسبق القبض- فهو لمن سبق قبضه.
هذا إذا كان العبد في يد المصدق، أو في يد المالك، أو في يد ثالث؛ فإن كان في يد المكذِّب- ففيه قولان:
أحدهما: هو لمن في يده لا للمصدق.
والثاني، وهو الأصح: (هو) للمقرِّ له بالسبق؛ لأن اليد لا تدل على الرهن.
فإذا أرجحنا باليد، فقال الذي في يديه: قد قبضه كل واحد منا- يبطل حقه، ويسلم الكل إلى المصدق؛ لأن صاحب اليد أقر للمصدق بقبض ما بعد.
وإن كان العبد في أيديهما جميعاً، ففي النصف الذي في يد المصدق- يرجح جانبه، وفي النصف الآخر، قولان.
ولو قال: رهنت هذا العبد من زيد، وأقبضته بعد ما كنت رهنته من عمرو وأقبضته، فلمن يكون؟
فيه وجهان:
أحدهما: يكون لزيد لتقدمه في اللفظ.
والثاني: لعمومه؛ لأن آخر الكلام يدل على أن قبضه كان سابقاً، وهذا أصح.
والوجهان يبنيان على تبعيض الإقرار، إن قلنا: يبعض، فهو لزيد، وإن قلنا: لا يبعَّض فلعمرو. والله أعلم.
باب الزيادة في الرهن
روي عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "الظهر يركب إذا كان مرهوناً، ولبنُ الدَّرِّ يشرب إذا كان مرهوناً، وعلى الذي يركب ويشرب نفقته".