منافع الرهن للراهن، فيسكن الدار المرهونة، ويركب الدابة، ويستخدم العبد، ويلبس الثوب.
وإذا انتفع بالحيوان نهاراً ردَّه إلى المرتهن، أو إلى العدل الموضوع على يده بالليل؛ لأنه لا يطيق العمل دائماً.
وعند أبي حنيفة- رحمه الله-: تعطل منافع الرهن، ويرش لبنه على ضرعه حتى يجف، والحديث حجة عليه؛ لأن النبي- صلى الله عليه وسلم- جعل منفعته لمن عليه نفقته، ونفقته بالاتفاق على الراهن، فدل على أن منافعه له.
وإنما يجوز أن ينتفع به على وجه لا تنتقص به قيمته، ولا يتضرر به المرتهن. فإن أراد أن يسافر على الدابة، أو يكريه ممن يسافر به- ليس له ذلك، وإن كان ثوباً تنتقص باللبس قيمته- لا يجوز أن يلبسه.
وللمرتهن ألا يدفع الرهن إليه للانتفاع إلا بشاهدين إذا خاف إنكاره، وإن خاف خيانته دفعه إلى الحاكم حتى يؤاجره عليه، ويدفع الأجرة إليه.
وإن كان أرضاً لا يجوز له أن يغرسها، ولا أن يبني فيها؛ لأنها تنتقص قيمتها بالغراس والبناء.
ولا يجوز أن يزرع زرعاً ينقص قيمتها. فإن أراد زرع ما لا ينتقص قيمتها؛ نظر: إن كان الدَّين حالاً، أو مؤجلاً يحل قبل استحصاد الزرع- لا يجوز، وإن كان يستحصد الزرع قبل حلول الأجل- جاز.
ثم إذا تأخَّر استحصاده لآفة، ليس للمرتهن قلعه، بل يبقى إلى أوان الحصاد. وحيث قلنا: ليس له أن يزرع ففعل، أو غرس أو بنى، فلا يقلع قبل حلول الأجل، ويقلع بعده إذا كانت قيمة الأرض مشغولة لا تفي بدينه، ويزداد قيمتها بالقطع.
وكذلك لا يجوز أن يؤاجر الرهن إذا كان الدَّين حالاً، أو مؤجلاً، ولكن يحل الأجل قبل انقضاء مدة الإجارة.
فإن أجر مدة تقضى قبل حلول الأجل- جاز، وتجوز الإعارة؛ لأنه يجوز له أن يرجع فيها متى شاء.
ولا يجوز تزويج الجارية المرهونة؛ لأنه تنتقص قيمتها، ولا يجوز له وطؤها إن كانت بكراً، أو كانت ثيباً، ولكن يخشى منها العلوق، شابَّة كانت أو عجوزة؛ لأن العجوزة قد