ولا يشترط رضا العبد، وهذا بناءً على ما ذكرنا، إن جعلنا الحوالة معاوضة؛ لا يشترط رضاه؛ لأنه حق ثبت للمحيل؛ فلا يحتاج في مبادلته إلى رضا غيره.
وإن قلنا: استيفاء-: يشترط رضاه؛ لأنه لا يمكنه إقراضه إلا برضاه، ولا يجوز أن يحيل بالدين الحال على المؤجل، ولا بالمؤجل على الحال؛ لأن الحوالة للإرفاق؛ فلا يجوز مع الاختلاف كالعوض.
وقيل: إذا حال بالمؤجل على الحال-: يجوز؛ بخلاف ما لو أحال بالحال على المؤجل: لا يجوز؛ لأن حق المحتال حال؛ فلا يلزمه التأخير، وإذا حال بالمؤجل على الحال-: جاز؛ لأن حق المحتال مؤجل، ويجوز لمن عليه تعجيله، وقد رضي بتعجيله حيث أحال على الحال، وإذا كانا مؤجلين بأجلين مختلفين-: لا يجوز.
وقيل: إذا حال بالأبعد على الأقرب-: يجوز، كما ذكرنا في المؤجل على الحال.
ولا يجوز أن يحيل بالصحاح على المكسر، ولا بالمكسر على الصحاح.
وقيل: إذا أحال بالمكسر على الصحاح-: يجوز، فكأنه تبرع بفضل الصحة، ولا يجوز بالصحاح على المكسر؛ لأنه يصير كأن المحتال يبذل عوضاً على الحوالة، وهو فضل الصحة.
وإذا أحال بالدين على إنسان، فقتل، ثم أفلس المحال عليه، أو مات معدماً، أو جحد-: لم يكن للمحتال أن يرجع على المحيل؛ لأن بالحوالة انتقل الحق إلى المحال عليه، وبرئت ذمة المحيل؛ فلا رجوع له عليه؛ كما لو اعتاض عن الدين شيئاً، فتلف في يده بعد القبض، لا رجوع له على من عليه الدين.
وقال أبو حنيفة- رحمة الله عليه-: إن مات معسراً، أو جحد وحلف-: له أن يرجع على المحيل، والحديث حُجة؛ فإن النبي- صلى الله عليه وسلم- أمر بإتباع المحال عليه؛ ولأن بقبول الحوالة: سقطت المطالبة عن المحيل، فلا يجوز أن يرجع عليه؛ كما لو اشترى عنه بالدين شيئاً، وهلك في يده: لا يرجع عليه.
ولو شرط في الحوالة ملاءة المحال عليه؛ فلم يكن-: هل له أن يرجع على المحيل؟ فيه وجهان:
عامة أصحابنا على أنه لا يرجع؛ لأن عدم الملاءة: لو كان نقصاً معتبراً في هذا الباب، لكان عند الإطلاق معتبراً.
وقال ابن سُريج: يرجع؛ كما لو اشترى عبداً، وشرط أنه كاتب، فلم يكن له الرد.