أبرأ المحتال المحال عليه-: لا يرجع المحال عليه على المحيل؛ وكذلك: لو وهب منه قبل أن يقبض، ولو قبضه من المحال عليه، ثم وهبه منه، هل يرجع على المحيل؟ فيه وجهان.
ولو أن المحال عليه في هذه المسألة- أحال صاحب الحق على غيره بهذا الحق- نُظر: إن أحاله على من له عليه دينٌ-: كان له الرجوع على المحيل الأول في الحال؛ لأنه أداه بنفس الحوالة، وإن أحاله الثاني- أيضاً- على من لا دين عليه-: لم يرجع على الأول، ما لم يرجع عليه؛ كما لو ضمن ضامن هذا الدين عن المحال عليه-: لا رجوع له على المحيل حتى يؤخذ من ضامنه أو منه؛ حينئذ: يرجع على المحيل.
ولو كان له على رجلين ألف، وكل واحد ضامن عن صاحبه، فأحاله أحدهما على رجل-: برئت ذمة المحيل عن حقهما جميعاً.
ولو أحال من له الحق غريماً بماله له عليه ألف عليهما؛ حتى يطالب أيهما شاء- هل يجوز؟ فيه وجهان:
أحدهما: يجوز؛ لأنه لا يأخذ إلا قدر حقه.
والثاني: لا يجوز؛ لأنه يتوسع به على المحتال محل المطالبة، فكأن المحيل بذل عوضاً على قبول الحوالة. [قال الشيخ]: فكذلك لو كان لرجل عليه ألف، فأحاله على رجلين له على كل واحد ألف حتى يطالب أيهما شاء، أو كان قد ضمن له رجل ألفاً له على إنسان، فأحاله على الضامن، وعلى المضمون عنه حتى يطالب أيهما شاء-: فعلى الوجهين.
[قال الشيخ]: هذا إذا أحال عليهما معاً؛ أما إذا أحال على أحدهما، ثم أراد أن يحيله على الثاني-: لا يجوز؛ لأنه إذا أحال على الأول-: برئت ذمته عن حق المحتال؛ فلا تصح الحوالة الثانية.
ولو أحال المديون غريمه على رجل له عليه مثله، ثم المحال عليه أحاله على آخر، ثم المحال عليه الثاني أحاله على ثالث-: جاز، وكذلك: لو أحال رب الدَّين غريمه على المديون، ثم المحتال أحال غريماً له عليه، ثم الثاني أحال غريماً له عليه-: جاز؛ ففي الصورة الأولى: تعدد المحال عليهم، وفي الثانية: تعدد المحتالون.