إذا باع عبداً بألف، ثم البائع أحال غريماً له على المشتري بألف، ثم وجد المشتري بالمبيع عيباً ورده-: لا تبطل الحوالة؛ لأنها عقد آخر يثبت به حق لغير المتعاقدين؛ كما لو اشترى عبداً بثوب وقبضه وباعه، ثم وجد البائع بالثوب عيباً ورده-: لا يفسخ البيع الثاني، ثم المشتري: إذا دفع حق المحتال-: رجع على البائع، وهل له الرجوع إليه قبل أن [يدفع حقه إلى المحتال] فيه وجهان.
أما المشتري إذا أحال البائع بالثمن على رجل، ثم وجد بالعبد عيباً، ورده- هل تبطل الحوالة؛ اختلف أصحابنا فيه:
منهم من قال: لا تبطل الحوالة؛ كما في الصورة الأولى.
ومنهم من قال: تبطل الحوالة، وهو قول أبي إسحاق.
وذكره المزني في "المختصر"؛ بخلاف الصورة الأولى؛ لأن هناك: تعلق به حق [غير] المتعاقدين، وهو الأجنبي المحتال، وههنا: وجدت الحوالة بالثمن الذي هو حق العاقد، فإذا فسخ العقد- خرج المحال به من أن يكون ثمناً، وسقط حق العاقد؛ فبطلت الحوالة.
ومن أصحابنا من بنى هذا الاختلاف على أن الحوالة معاوضة أم استيفاء؟ إن قلنا: معاوضة-: لا تبطل؛ كما لو باع ثوباً من بائع العبد بالثمن، ثم وجد بالعبد عيباً، فرده، لا يبطل العقد في الثوب؛ بل يسترد ثمن العبد.
وإن قلنا: الحوالة استيفاء-: تبطل؛ لأن الحوالة إرفاق، فإذا بطل الأصل: بطل الإرفاق؛ كما لو باع عبداً بدراهم مكسرة، فتبرع المشتري، فأدى الصحاح، ثم رد العبد بالعيب-: يسترد الصحاح.
وإن قلنا: تبطل الحوالة-: نُظر: إن كان البائع قد أخذ المال من المحال عليه-: أخذه المشتري منه، وتعين حقه فيه، إن كان قائماً، وإن كان تالفاً-: أخذ بدله من البائع، وإن لم يكن أخذه-: فلا يأخذه؛ لأنه حق المشتري.
وإن قلنا: لا تبطل الحوالة-: فقد سقط حق المشتري على المحال عليه، ثم إن كان البائع قد أخذه-: رجع المشتري عليه، ولا يتعين حقه فيما أخذ [وإن] لم يكن أخذه،