فهل للمشتري أن يرجع على البائع قبل أن يأخذه البائع من المحال عليه؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا؛ لأنه لم يأخذ شيئاً.
والثاني: له أن يرجع عليه؛ لأن الحوالة كالمقبوضة؛ بدليل أن المشتري إذا أحال البائع بالثمن على إنسان-: سقط حق البائع عن حبس المبيع، وكذلك: الزوج إذا أحال المرأة بالصداق على إنسان: لا يجوز لها بعد ذلك حبس نفسها عن الزوج.
ولو أحال الرجل امرأته بالمهر على إنسان، ثم ارتدت المرأة قبل الدخول، هل تبطل الحوالة؟ فعلى وجهين، بناءً على ما لو أحال المشتري البائع بالثمن، ثم رد المبيع بالعيب.
ولو أحال البائع غريمه على المشتري، ثم المتبايعان تقارَّا على أن العبد المبيع كان حر الأصل- نُظر: إن صدقهما المحتال، فالحوالة باطلة، وحق المحتال على البائع؛ لأن الحوالة تتم بالمحيل والمحتال، فإذا تقارا على حرية العبد بطلت الحوالة؛ كما لو تبايعا عبداً، ثم اتفقا على حريته-: كان البيع باطلاً، وإن كذبهما المحتال، وقال: العبد مملوك- لا يخلو: إما إن قامت بينة على حريته، أو لم تقم، فإن قامت بينة- نُظر: إن أقامها البائع أو المشتري-: لا تسمع؛ لأنهما كذبا البينة بدخولهما في البيع، وإن أقام العبد بينة على حريته-: فالحوالة باطلة، فإن لم تكن بينة فلهما تحليف المحتال فإن حلف فالحوالة بحالها، ولا يقبل قولهما في بطلان حق المحتال؛ كما لو اشترى عبداً، وباعه، ثم اتفق البائع الأول والمشتري: أنه كان حراً-: لا يقبل قولهما في حق المشتري الثاني.
إذا ثبت أن الحوالة لا تبطل-: فالمحتال يأخذ الألف من المشتري، والمشتري لا يرجع على المحيل بشيء؛ لأنه يقول: قد ظلمني المحتال بما أخذ مني؛ فلا يرجع بما ظلم على غير من ظلمه.
فصل في الاختلاف
إذا أمر المديون غريمه بقبض دين له على آخر، ثم اختلفا، فقال المديون: وكلتك بقبضه لي، وقال الغريم: لا، بل أحلتني عليه-: ففيه ثلاث مسائل:
إحدها: أن يختلفا في اللفظ، فقال المحيل: وكلتك بلفظ الوكالة، وقال المحتال: بل أحلتني بلفظ الحوالة-: فالقول قول من عليه الحق مع يمينه؛ لأنهما اختلفا في لفظه.
الثاني: لو اتفقا على لفظ الحوالة، واختلفا في المراد، فقال المحيل: أردت به التوكيل، وقال المحتال؛ بل أحلتني-: فالقول قول من يكون؟ فيه وجهان: