قال ابن سريج: القول قول المحتال مع يمينه؛ لأن اللفظ يشهد له.
والثاني: القول قول من عليه الحق؛ وهو قول المزني وسائر الأصحاب؛ لأنه يدعي بقاء الحق عليه.
ولو أنهما اختلفا في أصل الإذن-: كان القول قوله، كذلك: إذا اختلفا في صفة الإذن-: كان القول قوله.
الثالثة: لو اتفقا على أنه قال له: اقبض، واختلفا في المراد-: فالقول قول الآمر مع يمينه، فكل موضع جعلنا القول قول المحتال، فإذا حلف: ثبت الحق له وبريء المحيل، وثبت له مطالبة المحال عليه.
وإن قلنا: القول قول من عليه الحق، فإذا حلف-: نُظر: إن لم يكن الغريم أخذ شيئاً-: لم يكن له أخذه؛ لأنه ثبت بيمين المديون، إن كان وكيلاً، فقد انعزل عن الوكالة بإنكاره، وإن كان قد قبض المال دفعه على المحيل، إن كان قائماً، وإن كان تالفاً-: ضمن، سواء تلف أو أتلفه؛ لأنه بيمين من عليه الحق: يثبت أنه كان وكيلاً، والوكيل إذا أخذ المال لنفسه- كان ضامناً، وهل للمحتال أن يرجع على المحيل بدينه؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا يرجع؛ لأنه أقر ببراءة ذمته عن دينه.
والثاني: يرجع؛ لأنه يقول: إن كنت محتالاً-: فقد استرجع مني ما أخذته بحكم الحوالة، وإن كنت وكيلاً فحقي باق في ذمته، وإن كان الاختلاف على العكس، قال المديون: أحلتك عليه، وقال الغريم: وكلتني بقبضه، وذلك بأن يكون المحال عليه مفلساً؛ فيريد المحتال مطالبة المحيل-: فعلى قول أبي العباس: القول قول المحيل مع يمينه؛ لأن اللفظ يشهد له، وعلى قول المزني وسائر أصحابنا: القول قول المحتال مع يمينه؛ لأن الأصل اشتغال ذمة المديون بحقه.
فإن قلنا: يقول ابن سريج: فحلف المحيل، بريء من دين المحتال، وللمحتال مطالبة المحال عليه بالدين: إما بحكم الحوالة، أو بحكم الوكالة، وإذا أخذه كان له؛ لأن المحيل يقول: هو له بحكم الحوالة، والمحتال يقول: هو لي من مال من لي عليه الدين.
وإن قلنا بقول المزني، فحلف المحتال- نظر: إن كان قد أخذ المال من المحال عليه- دفعه إلى المديون، فاستوفى حقه منه إن كان قائماً، وإن كان تالفاً- نظر: إن تلف بتفريط من جهته- لزمه ضمانه، ويثبت للمحيل عليه ما يثبت له على المحيل، فيتقاصَّان، وإن تلف بغير تفريط من جهته، فلا ضمان عليه؛ لأنه حلف أنه وكيل؛ ويد الوكيل يد أمانة،